لا أعتقد أن الألفاظَ يمكنها أن تفيَ بالمقصود أو تعبِرَعن العاطفة الصادقة تجاه إخوة الدّين والدّم فهو وجعٌ أرقي من رسم الحروف وتركيب الجُمَلِ.
وقبل الدخول في الموضوع ,هل نتمكن كأمة من غَسْلَ العارِ الذي لحق بنا جرّاء قتلٍ وجرح ما لا يقل عن مائة وعشرين شهيدا وجريحا في غزة دون تحريك أي فعل؟
ومع علمي أن التنكيل والتقتيل الممارَسَيْن علي فلسطين يفعل فعله فينا جميعا وأننا فيه سيان إلاّ أن ثمة أمور يجب طرحها ولو كانت من باب تحصيل حاصِلٍ.
منها أن الشعوب في الدّول الغربية لا تزال إلي اليوم تتظاهر دعما لغزة رغم كونهم غير مرتبطين بها إلا من حيث جبْلِيَة حبِّ الخير ومَقْتِ الظلم اللتين فطر الله النّاس عليهما.
ثم لنُجِلَ كتائب القسّام الذين لا يزالون يذْكُرون حكام الأمة ويثنون عليهم رغم تَوانيهم عن الدّعم حتى إنهم يمنعون الشعوب من أن تسْكُن الشوارعَ وأمام سفارات الظالمين.
لقد أظهر الفلسطينيون أنهم أذكي من حكام العرب فقد عرفوا أنهم لا يستطيعون فعل أيِ شيءٍ خوفا علي الكرسي فعاملوهم بالشكر وهو هنا مدحٌ يشبه الذمَ.
وهم فيه محقون فلا يمكنك تحميلُ المسؤولية لمن لا يمكنه حَمْلُها ومن هو في وهنٍ نفسي يُريه أن ستة ملايين يغلبون مائتي مليون لا ينفع فيه توجيهٌ ولا وَعْظُ لأن موضع الحسِّ فيه قد ماتَ نهائيا.
لم تعد التجاربُ تفيدُ فتاريخ آمريكا مع VIET NAM وحتي مع أفغانستان حديثا كله يظهر أن الظَّفَرَ في النهائية لصالح الشعوب المسْتَعمَرة ولا يجب أن نري في فلسطين -أرض الأقصى –استثناءً بل يجب أن نكون أكثر اسْتبْشارا معها.
وقد علمتنا التجربة الفلسطينية وقدرتها علي التصنيع العسكري أن بإمكان الدولة المركزية أيا كانت قوتها فعلُ شيءٍ انطلاقا من الفارق الكبير بين قدرات الدوَّلِ والمنظمات المحاصَرة.
لكن العيْبَ يكمن في أننا لا نطمح لأكثر من أن نكون تابعين لقوة غاشمة تنزع منا كل شّرفٍ مقابل اسْتعمارٍ في ثوْب الدفاع عن الحكم.
وعلي دولنا العربية والإسلامية ومن الآن البدء في الصناعات العسكرية للدفاع عن النفس إذ لا يُعْلَمُ علي وجه التحديد متى تدورُ الدائرة علي قُطْرٍ آخر ,المؤكدُ أنها ستظل تدور كما دوران الصناعات العسكرية عندهم لإعمالها في الأمة.
لقد برهن شعب غزة وبمهارة عالية أن الشعوب عندما لا ترضي الاستحقارَ والاستبدادَ تصنع المعجزات’فهاهو الجيش الذي لا يُقهر يُمَرَغُ أنفُه في جغرافيا أقل من أربعمائة كيلومترا ولم تُحَصِنْه الآلة العسكرية من طيران وبحرية وصواريخ وغيرها.
ألم يأُنِ للعرب أن يدركوا أن لديهم من المقدرات الطبيعية والبشرية والحضارية ما إن استثمروه حقَ الاستثمار أضحوا رقما صعبا في عالم لا يرحم الضعيف ؟
ولئن كنا لا نملك أو لا نقدرُ علي العون العسكري فلم لا نَبْقي في تظاهر تعبيرا عن الضجور من واقع غزة الأليم ؟
أم أن النفوس ماتت وتعودت مشاهدة التقتيل والإرْعابِ فلم يعدْ يحركُ فينا عاطفة أو إباءً أو مروءة أو رجولة.
ولأن الأمم لا تموتُ فلا يزالُ الأمل معقودا علي الله أن نستفيق من هذا الوضع المُخْزي حقا وأن نستعيد عظمتنا بين الأمم علي نهج صلاح الدين وغيره من الفاتحين .
أدام الله عافيته علي الجميع…