قال الأسير الفلسطيني، ماهر الأخرس، في رسالة وجّهها مساء أمس الأربعاء: “أنا ثابت على قراري ولن أتناول أيّ طعام إلا في بيتي”.
ووفق بيان صادر عن نادي الأسير الفلسطيني، فقد طالب الأسير الأخرس المضرب عن الطعام منذ 81 يوماً رفضاً لاعتقاله الإداري، عبر رسالة وجّهها من مستشفى “كابلان” الإسرائيلي حيث هو مُحتجز، بالسماح له بأن يرى أمه وأطفاله، بعد أن وصل إلى مرحلة صحية خطيرة، مع استمرار الاحتلال رفضه الاستجابة لمطلبه المتمثّل بإنهاء اعتقاله الإداري فوراً.
وقال الأسير الأخرس في رسالته: “أنا ثابت على قراري ولن أتناول أيّ طعام إلا في بيتي، ولن أكسر إرادتي، أنا موجود الآن في مستشفى (كابلان) الإسرائيلي لا أتناول سوى الماء، وسأظلّ على هذا الأمر حتى أرجع إلى بيتي، سلامي للأهل، سلامي إلى أمي الغالية، وسلامي إلى أطفالي، إني أحبكم كثيراً، فرسالتي للعالم الحرّ أن أرى أمي وأطفالي”.
وأشار نادي الأسير إلى أنّ الأسير الأخرس اعتُقل في تاريخ 27 تموز/ يوليو 2020، وهو متزوّج وأب لستة أبناء، يعمل في الزراعة، وكان قد تعرّض للاعتقال مرات عدّة منذ عام 1989، وقضى ما مجموعه أربع سنوات، بشكل متفرّق، في سجون الاحتلال.
يُذكر أنّ المحكمة العليا للاحتلال رفضت عدّة طلبات تقدّمت بها محاميته للإفراج الفوري عن الأسير الأخرس، وأبقت على قرار تجميد اعتقاله الإداري، ففي تاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2020، أصدرت المحكمة قراراً بتجميد اعتقاله الإداري، الأمر الذي اعتبره الأسير الأخرس خدعة ومحاولة للالتفاف على إضرابه، وفي تاريخ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2020، رفضت المحكمة مجدداً طلب الإفراج الفوري عنه، ثم في تاريخ الثاني عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2020، تكرّر الرفض، وقدمت المحكمة مقترحاً يمثّل في جوهره، محاولة جديدة للالتفاف على إضرابه، الأمر الذي رفضه الأسير الأخرس وأعلن استمراره في الإضراب.
وكان الأسير الأخرس قد وجّه رسالة سابقة قال فيها: “شرطي الوحيد الحرية. فإما الحرية وإمّا الشهادة”.
من جانبها، حذّرت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، اليوم الخميس، من الوضع الصحي للأسير ماهر الأخرس، وقالت الكيلة خلال مؤتمر صحافي عقدته برفقة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينية، قدري أبو بكر، ورئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، إنّ الأخرس يعاني آلاماً حادة في كافة أنحاء جسمه، نتيجة فقدانه أكثر من 25 كيلوغراما من وزنه، ويعاني من صعوبات في الحديث وعدم القدرة على المشي، ويتعرّض لإغماءات متكرّرة بين الفينة والأخرى.
وفي إجابة عن سؤال لـ”العربي الجديد” حول خطورة الإضراب منذ 81 يوماً، قالت وزيرة الصحة إنّ ذلك يؤثر بشكل كبير على كافة أعضائه الداخلية، لأنّ توقف التغذية الكافية والأكسجين الكافي عن تلك الأعضاء يعني بداية فشل للأعضاء الحيوية مثل القلب والأمعاء وغيرها، مشيرة إلى أن 81 يوماً، هي مرحلة فارقة في وظيفة أعضاء الجسم الداخلية للأخرس. وأضافت: “ندق ناقوس الخطر إلى كلّ المؤسسات الحقوقية والإنسانية والصحية في العالم للوقوف إلى جانب الأخرس”.
وفي حين حمّلت الكيلة سلطات الاحتلال وإدارة سجونه المسؤولية الكاملة عن حياة الأخرس وطالبت بالاستجابة لمطلبه بوقف سياسة الاعتقال الإداري المخالفة لكلّ القوانين الدولية، خاصة اتفاقيات جنيف، طالب قدورة فارس، رئيس نادي الأسير خلال المؤتمر، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بإبداء موقف علني بصوته أو ببيان يصدر عنه شخصياً، كما سبق له ولمن سبقه في هذا المنصب أن فعلوا، بمحطات شبيهة. كما وجّه نداء إلى ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، بإبداء موقف علني بخصوص الأخرس، وكذلك من لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي لإدانة الاعتقال الإداري.
وقال فارس: “بتنا في مرحلة الحسم بالانتصار لصالح الأخرس أو استشهاده، وهذا ليس من باب التهويل”. وأضاف: “لا يجوز أن يستشهد ماهر وهم متفرجون –في إشارة للجهات التي وجّه لها النداء- عليهم إبداء موقف واضح وصريح ضد الاعتقال الإداري، على الأقل، ومطالبة الاحتلال بإطلاق سراح الأخرس”.
بدوره، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، قدري أبو بكر، على حالة الغليان التي تشهدها سجون الاحتلال الإسرائيلية، إذ أعلن قبل يومين أكثر من 35 أسيراً إضراباً عن الطعام ولحق بهم اليوم 50 أسيراً آخر، للمطالبة بعدّة مطالب ومنها الإفراج عن الأخرس، ومطالب حياتية، كما ضدّ التنكيل المتواصل بحقهم، ولإعادة ثلاثة أسرى تمّ عزلهم قبل أشهر، وهم عمر خرواط ووائل الجاغوب وحاتم القواسمي.
وقال أبو بكر: “إنّ السجون تشهد حالياً غلياناً، ومن الممكن أن ينضمّ عشرات الأسرى، في الأيام المقبلة، للإضراب، في ظلّ إصرار الاحتلال على كسر إرادة الأسير ماهر الأخرس، من أجل عدم تكرار أو لمنع أسرى آخرين من التفكير بحذو حذوه”. وأشار أبو بكر إلى أنّه من المتوقع أن يقوم الصليب الأحمر الدولي وذوو الأسير الأخرس بزيارته في مستشفى “كابلان” الإسرائيلي.
واعتبر قدّورة فارس، أنّ محكمة الاحتلال، أثبتت أنها أداة قمعية تعمل بقرارات وتوجيهات صادرة عن المخابرات الإسرائيلية وجيش الاحتلال، بسبب ما فعلته خلال الأسبوعين الماضيين. وهي لمهزلة وفضيحة، أن تقوم بإصدار توصية وليس قراراً للإفراج عن الأخرس، الشهر المقبل، بدلاً من أن تبتّ بين المتخاصمين، معتبراً أنّ تلك التوصية هي لكسب الوقت، أملاً في كسر الأخرس لإضرابه أو التوصّل لحلّ يرضي الاحتلال.
وفي ملف الأسرى بشكل عام، قال رئيس هيئة الأسرى أبو بكر، إنّ السلطة الفلسطينية تبذل جهوداً في ملف الأسرى على المستوى الدولي. وأشار إلى إصدار الأمم المتحدة أول أمس، تقريراً تمّ توجيهه لسلطات الاحتلال يتضمّن 17 بنداً، فيه تنبيهات للاحتلال للالتزام بالمواثيق الدولية، وبعضها وقّع عليها الاحتلال، ومن ضمنها ما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين وجائحة كورونا، معتبراً ذلك إدانة للاحتلال.
وناشدت وزيرة الصحة دول العالم وبرلماناتها، ومجلس حقوق الإنسان، ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الصحية، سرعة التدخل لإنقاذ الأسرى المرضى، وقالت: “إلى جانب الأسير الأخرس، هناك العديد من الأسرى والأسيرات المرضى والذين يعانون الإهمال الطبي وهم بحاجة لرعاية طبية. نناشد لإطلاق سراح الأسرى المرضى في ظلّ جائحة كورونا وانتشار الفيروس داخل السجون، هناك إهمال واضح من قبل سجون الاحتلال في توفير وسائل الوقاية”.
وأضافت الكيلة: “قدمنا في وزارة الصحة ونقدم، ونعيد ذلك، بأنّ لدينا العديد من الزملاء الأطباء في فلسطين وخارجها المستعدين للدخول إلى السجون الإسرائيلية من أجل معالجة مرضانا، لأننا لا نريد تركهم مهملين من الرعاية الطبية. لا تزال لدينا قوائم الأطباء من كافة التخصّصات من أجل دخولهم، ومعالجة أبنائنا، لكننا لا نزال بانتظار الرد من منظمات حقوق الإنسان”.
وفي ملف إخلاء مقرّات الصليب الأحمر الدولي من المعتصمين، قبل يومين، من قبل أفراد أمن فلسطينيين، أجاب قدري أبو بكر على سؤال لـ”العربي الجديد”، بأنّ ما أشيع بأنهم أُخرجوا بالقوة هو كذب وافتراء، “تحديداً في مركز الصليب الأحمر في رام الله، ذهب 7 من الأسرى المحرّرين من حركة فتح وتحدّثوا مع المعتصمين بأنّ رسالة الصليب الأحمر يجب أن تتواصل ويجب أن يستمر تقديم الخدمات للأسرى، ولا يجوز إغلاق مقرّ الصليب الأحمر، وقالوا لهم بكل أدب وأخلاق اخرجوا ونحن سننصب خيمة اعتصام، لكن يجب إخلاء الصليب”.
وفي إجابته حول رواية المعتصمين، الذين يقولون إنه تمّ إخلاؤهم بالقوة، قال: “أشيع أنه بعدما خرجوا تمّ سحلهم أو إخراجهم بالقوة، هذا كذب تماماً”.
وأضاف: “لا يجوز التهجّم على الصليب الأحمر، دوره معروف لدينا وليس من دوره أن يشجب أو يصدر بيانات تعترض على حكم أي أحد، أو على اعتقاله أو الإفراج عنه، مهمته أن ينظر في الظروف المعيشية للمعتقلين، ونحن مقتنعون بدوره خاصة في جائحة كورونا حيث كان له دور إيجابي”.
وكان أسرى محرّرون قالوا إنّ الأجهزة الأمنية، بلباس مدني، أخلتهم من داخل مقر الصليب الأحمر في مدينة البيرة المجاورة لمدينة رام الله، اول أمس الثلاثاء، وتكرر ذلك في طولكرم وجنين، شمال الضفة، بعد أيام من اعتصامات طالبت اللجنة الدولية بإصدار تقرير طبي دولي يوضح الحالة الصحية للأخرس، وبزيارته من أعلى المستويات في الصليب بمستشفى كابلان، حيث يحتجز داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وعقد اجتماع مع القناصل والسفراء لتوضيح حالته الصحية.
وكان موظّفو الصليب الأحمر أخلوا المقر إثر الاعتصام، متوقفين عن تقديم الخدمات، وفي مؤتمر صحافي، أمس، أكدّت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان رداً على سؤال لـ”العربي الجديد” أنها ستقوم بإصدار تقرير حول ما حصل في مقرّات الصليب الأحمر، بعد جمع الشهادات من جميع الأطراف.