عاش الدكتور جلال أمين ثمانين عاماَ تعرف فيها – بطبيعة العمر – على عدد كبير من الناس.. وعندما سُئل مَن هؤلاء الناس يا دكتور؟
قال:” نساء ورجال..أغنياء وفقراء..متعلمين وغير متعلمين.. أجانب ومصريون ( الدكتور جلال أمين – ابن الكاتب والمفكر الراحل أحمد أمين – وهو كاتب وباحث ومفكر وأستاذ للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ودرس فى بريطانيا وتزوج منها أيضاَ وكان يسكن فى شارع 12 بحى المعادى جنوب القاهرة ورحل فى 2018 ) وصنايعية وفلاحون وأفندية وموظفون”
•••
عاد السائل يسأل:
” وماذا وجدت فيهم يا دكتور”؟
— رد بضحكته ( الرايقة المجلجة) وجدت فيهم ( العجب) العجاب؟!.. “وجدتهم جميعاَ سواء مَن أحببت منهم أو كرهت ” ألغازاَ بشرية” لا أستطيع أن أفهم كيف اجتمعت فى الواحد منهم هذه الصفات المتعارضة( ويقصد بالصفات المتعارضة – حديث الشخص عن:
( الحب وهو حاقد)
عن( الإمانة وهو سارق)
عن (الوطنية وهو خائن)
عن (الشرف وهو بايع)
عن (العلم وهو جاهل)
عن (التواضع وهو متكبر)
عن (الموهبة وهو “تافه”)
عن (الاستغناء وهو متكالب)
عن (النجاح وهو فاشل)
عن (الصدق وهو كاذب)
•••
وأمام هذه النماذج البشرية ( المُلغزة والعجيبة ) ماذا نفعل يا دكتور؟
— أجاب:” كنت أسأل نفسى دائماَ.. كيف يستقيم تصرفه – أى هذا الشخص اللغز العجيب – على نحو معين مع شخص ما، مع تصرف مضاد له تماماَ مع شخص آخر أو حتى مع نفس الشخص فى وقت آخر ؟
•••
كرر السائل سؤاله:
“وهل بعد فترة من الوقت استطعت يا دكتور أن ( تفك ) هذه الألغاز؟
أجاب: “للأسف .. لا”!
ثم قال:” ولقد لاحظت أنني حتى مع الأشخاص الذين ظللت مدة طويلة أعتبرهم واضحين تماماً لي، ومُتَّسقين تماماَ مع أنفسهم ، أفاجأ بتصرفات منهم غير مفهومة، ويتحولون فجأة إلى ( ألغاز) وكأنى لم أعرفهم قط على حقيقتهم!
•••
هز السائل رأسه فى أسي وسأله:” إذن ماذا نفعل نحن – فى عصرنا الحالى – مع هذه النماذج التى هى – كما وصفتها -” ألغاز”؟
سكت قليلاَ ثم قال وهو يضحك بشدة:
هناك مَثلَ إنجليزي يقول:
” لا شيء أغرب من الناس”!…
لذلك – وكذلك – ومن أجل ذلك – ومن أجل الحياة ..”مشى حالك.. معاهم”!
خيري حسن