صفقات المصاهرة والترضية من الصميم إلى الشريان الإبهار (السلطان البان )

 

لم يعد من الممكن المطالبة بالإصلاح في مؤسسات الدولة عبر الأدوات نفسها التي كرّست الفساد والفوضى. فحين يتحكم الوزراء في التعيينات بمنطق “عين لي نعيّلك”، تنهار معايير الكفاءة، وتفشل كل خطط الإصلاح، وتعود المؤسسات إلى نقطة الصفر في دوامة لا تنتهي من المحسوبية والشللية.

في كلية الطب ، يتجسّد هذا الخلل بوضوح صارخ. فقد صعد الدكتور يعقوب ولد محمد أسغير إلى منصب العميد في ظروف تثير الكثير من التساؤلات، دون أن يمتلك الخبرة الأكاديمية أو الإدارية التي تؤهله لتلك المسؤولية وفقاً للمعايير العلمية المعتمدة. تمّت القفزة بصفقة تراضٍ بين وزيرة التربية هدى باباه و وزير التعليم العالي البرلماني السابق يعقوب ولد أمين، وفقا لمصالح متقاطعة ، فالدكتور ولد أسغير زوج الاخت الصغرى لبنت باباه ، بالتالي من مسؤوليتها استخدام النفوذ والبزنسة السياسية حتى يصل زوج أختها لمراحل متقدمة تحتاج سنوات من العمل والتجربة ليصبح المنصب الأكاديمي الأعلى أداة بيد العلاقات العائلية لا معياراً للكفاءة والجدارة.

منذ ذلك اليوم، غرقت الكلية في حالة من الاضطراب والصراع الداخلي. تحوّل الحرم الجامعي إلى ساحة تناحر بين الأجنحة ومصالح الأفراد، بدل أن يكون فضاءً للتكوين والبحث العلمي. كما انشغل العميد الجديد بمناكفات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي (أنظر الصور)، تاركاً المؤسسة تغرق في التفكك الإداري والشللية، بعد أن كانت منارة للطب والتعليم الصحي في البلاد.

ولا يقف الفساد عند هذا الحد، فالمشهد ذاته يتكرر في المؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة. إذ تتصدر إداراتها شخصيات استهلكتها التجربة وأفسدتها السلطة، ولا تزال تدير مواقعها بعقلية المرحلة الأولى. ويكفي أن نلقي نظرة على مراكز حيوية مثل:
– مركز بنك الدم
– المختبر الوطني للأدوية
– المركز الوطني لتأهيل الأعضاء
– المختبر الوطني لمراقبة جودة الأدوية
– مراكز الحالات المستعجلة والصحة العمومية والاستشفائية

هذه المؤسسات اليوم مكبّة للفساد الإداري وسوء التسيير، ما يستوجب _مسح الطاولة_ وإعادة النظر جذرياً في التعيينات التي تتحكم فيها المصالح الشخصية والولاءات السياسية.

إننا نطالب وزير الصحة الدكتور محمد ولد أعل محمود، و معالي الوزير الأول المختار ولد جاي، و فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، بفتح تحقيق عاجل في ملفات التعيين المشبوهة داخل قطاعي الصحة والتعليم، ومحاسبة الأطراف التي حولت مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات عائلية لا يستفيد منها إلا أصحاب الاشتراكات المنوية. فالإصلاح الحقيقي يبدأ بالجرأة على محاسبة الفاسدين، وبناء منظومة إدارية تقوم على الشفافية والكفاءة، لا على المجاملة والصفقات الخلفية.

 

شاهد أيضاً

وزير العدل يتوجه إلى كينيا

  غادر وزير العدل محمد ولد اسويدات اليوم متوجها إلى نيروبى للمشاركة في الاجتماع الوزاري للدورة العادية …