قرر مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم إقالة جميع المسؤولين في الركيز من سلطات إدارية وأمنية، بالإضافة إلى رؤساء المصالح الفنية في المقاطعة..
وخلال المؤتمر الصحفي الوزاري المعقب على نتائج اجتماع اليوم، أكد معالي الوزير الناطق باسم الحكومة خبر هذه الإقالات قبل نشر البيان الصادر عن الاجتماع..
لكن الوزير شدد في ذات الوقت على أن أحداث الشغب التي عرفتها مقاطعة الركيز مؤخرا غير مبررة على الإطلاق في ظل عجز لا يتجاوز 15% من حاجيات الكهرباء.
هذه التصريحات المستنكرة لأحداث الركيز والمستغربة لها تكررت على لسان أكثر من مسؤول عمومي، وتوجت دلالاتها في حملة اعتقالات واسعة انتهت بإحالة عشرات المتهمين إلى السجن على ذمة التحقيق، ووضع آخرين تحت الرقابة القضائية.
هذا التعاطي الرسمي مع أحداث الركيز وتداعياتها أثار حيرة وتساؤلات كبيرة لدى الرأي العام؛ حول حقيقة ما جرى في المقاطعة، وحول أسبابه الحقيقية ودوافعه وخلفياته، وطبيعة المتورطين فيه..
ولقد زاد من حيرة المتابعين لهذه القضية ما أسفر عنه اجتماع مجلس الوزراء اليوم من قرارات بحق المسؤولين في المقاطعة.
إذا كان ما حدث هو مجرد أعمال شغب وتخريب غير مبررة تم اعتقال الضالعين فيها والمتورطين بها وأحيلوا للعدالة لينالوا جزاء ما فعلوا.. فبأي ذنب تمت معاقبة هذا العدد من المسؤولين المقالين اليوم؟ وأي خيط ناظم جمع بينهم لينالوا نفس العقاب في نفس الظروف وفي نفس الاجتماع؟؟
إن التعيينات والترقيات والتكليفات التي تتم في اجتماع مجلس الوزراء قد لا تحتاج تبريرا ولا تفسيرا للرأي العام؛ لأنها حق طبيعي لكل مواطن توفرت فيه شروطها القانونية والموضوعية..
لكن الإقالات والتجريد والإعفاء من المهام؛ هي عقوبات لابد لها من تبرير، وحين يتم الحديث عنها في بيان موجه للشعب أو في مؤتمر صحفي يبث على مسامعه وتنقل له حيثياته ومضامينه؛ فإن من دواعي احترام هذا الشعب أن يتم إطلاعه على كامل أسباب تلك القرارات؛ وهو للأسف ما تعودنا على تجاهله في جميع البيانات الصادرة عن إجتماعات مجالس وزرائنا منذ صارت لنا حكومة تسوسنا ووزراء يجتمعون على تدبير أمورنا وتصريف شؤوننا، وكأن الأمر لا يخصنا ولا يعنينا، أو كأننا شعب من القاصرين غير المؤهلين للاطلاع على قضايا وخفايا هي من الاختصاصات الحصرية للحاكمين وساكني دوائرهم الضيقة..
فرجاء؛ مزيدا من الشفافية في إطلاع هذا الشعب على حقائق وطن وبلد ودولة هي وطنه، وبلده، ودولته قبل أي مسئول ولو علا، وقبل أي نافذ ولو قدر..
ولقد نعلم أن انعدام تلكم الشفافية كان دائما سببا أساسيا حاضرا وراء كل أو أغلب مشاكلنا الوطنية وأحداثها المأساوية.. وما حوادث الركيز منا ببعيد.