تشهد البلاد من وقت لآخر العديد من ردود الفعل المتباينة حول الوضعية السياسية والإجتماعية، حيث شكلت صرخة الرئيس مسعود ولد بلخير وقودا ودافعا للعديد من الأصوات التي بدا واضحا أنها ترفض الدخول أسفل جبة الرضى غير المشروط وتسعى للحصول على مواقف ومصالح ترى أنها الوسيلة الناجعة لإخراج البلاد من أزماتها.
ناقوس الخطر
اليوم جاء بيان الثلاثة أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا، مستشار وزير العدل المقال بسبب نصائح مجانية قدمها للنظام، المفكر الأكاديمي عبد الله ولد أحمد ولد المنير، وعضو مجلس الشيوخ المحل الشيخ ولد سيدي ولد حننا، ليدق ناقوس الخطر.
فقد بدا أن الثلاثة يتألمون لما يقاسيه الشعب الموريتاني من ظروف معيشية وتفسية صعية، وما تعانيه الدولة من ضعف واضح، ـ حسب البيان الذي قال إن القائمين على الشأن العام ـ “.. لا يعترفون بالأزمة أصلا. وتبعدهم عن الشأن العام والتأثير فيه، وهذا هو المصدر الأول لقلقنا، وتلك الفئات هي، بعينها، رهاننا.
ودعت المجموعة، كافة الموريتانيين، إلى تلبية النداء ومشاركتهم الطرح السياسي الجديد الذي يتبنونه. وقد زاد الإرتباك من الحاجة إلى إصلاح سياسي ومبادرات وطنية أصيلة.
وأضافت: “زيادة على التردي الفظيع لسائر الخدمات العمومية، من تعليم وصحة ونقل و اتصالات وماء وكهرباء، وتزايد البطالة وهجرة الشباب والكفاءات، وضعف القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، ها هو الفساد يتمدد أفقيا، وأهله يتقلبون في المناصب العليا، فضلا عن ظاهرة “كوفيد بيزنس” المقيتة. النظام القائم وشركاؤه لا يرسلون أي إشارة للتغيير، ولم يقدموا – حتى الآن – حلولا جدية أو رؤية مستقبلية ضمير الشعب مرهون لدى موالاة فاقدة الإرادة، ومعارضة يتراجع أداؤها، وتعرف تحولا جيليًا لم تحضر له جيدا. والحوار بين الفئتين محصور في مشاركة هذا وتنازل ذاك. ولا أحد يعلق عليه أملا لقد أقجم المجتمع والدولة والجيش، قبل ثلاثين سنة، في صنعة ديمقراطية مشوهة، ونظام دستوري أرعن. ومفاهيم وأشكال سياسية رديئة، أتت على الإدارة والاقتصاد والقانون والقيم.
ولم تزل خيبات الأمل والإحباطات السياسية تتوالى وتفعل أفاعيلها برجال الدولة والنخب والشباب إن في التاريخ دائما، وفي أحلك أوقاته، سلما تصاعديا ينبغي البحث عنه والصعود معه، والأمور ميشرة اليوم أكثر من ذي قبل. وفي موريتانيا من قابلية الإصلاح والتطوير، وفي أبنائها من الكفاءة والمسؤولية والشجاعة ما لا يخفيه إلا الجمود والقنوط, فهل نريد دولة؟ لقد استطعنا – خلال نظرنا في الحالة الوطنية الراهنة – أن نقف على ثلاثة مطالب كبرى :
– سلطة قوية منظمة؛ مشاركة فعالة للمجتمع وقواه الحية؛ إيجاد الضمانات الكفيلة بإجراء انتخابات متكافئة بعيدة عن تأثير الدولة والمال العام”.
صدمة اللحظة الأخيرة
ويرى المراقبون أن بيان الثلاثة يحمل في طياته رسالة مربكة، لأن المجموعة التي ذيلته بتوقيعها، متباية المشارب، وإن جمعها بعد النظر ومعرفة خبايا مؤسسة الدولة.
ففي الوقت الذي يصنف فيه ولد المرواني كشخصية مستقلة، لا يخفى التصنيف الذي اختارت جهات رسمية أن تحشر فيه الدكتور أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا باعتباره محرض يقدم النصح الذي لم يطلب منه، بينما كان الشيخ ولد سيدي ولد حننا، حتى وقت قريب أحد أضلاع النظام القائم بل إن ورود اسمه ضمن القائمة دفع البعض إلى ربط البيان بحالة مزاجية داخل النظام نفسه، لكن قوة المجموعة تتمثل في تنوعها، وتأثيرها المباشر على المشهد، بل وملامسة ما ورد في بيانها للواقع المعاش، الذي قد يمتص التشخيص الدقيق لحالته غضب الذين يتألمون وينشدون تغييرا جذريا يلبي تطلعات الموريتانيين والآمال التي لازالوا رغم المرارة يعلقونها على شخص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.