في الوزارة الأولى، ثلّة من أحد عشر موظفاً عمومياً، بين أستاذ إعدادي وأستاذ جامعي، تحوّلوا منذ سنوات إلى ما يشبه “بركة راكدة” في خانة منصب مستشار، يتقاضون رواتبهم بانتظام، بينما انقطعوا عن قاعات الدرس وترَكوا الطباشير لغيرهم، إلى أن وصل بعضهم سن التقاعد وهو يحمل صفة “مستشار” أكثر مما يحمل وظيفة “ أستاذ”.
جوهر السؤال اليوم ليس أخلاقياً فحسب، بل قانونيا أيضاً: هل تمتلك الدولة الشجاعة لتضع هؤلاء أمام خيار واضح لا لبس فيه: إمّا راتب التدريس الذي لا يزاولونه، أو راتب الاستشارة الذي يتدثرون به في دهاليز الوزارة الأولى؟ أم أن النصوص ستظل حبيسة الأدراج، تُطبَّق فقط على الضعفاء، بينما يُترك المستنقع الراكد يفيض بالامتيازات على من اختارتهم شبكة المحسوبية لا معايير الكفاءة؟
عندما يعجز القانون عن تخيير موظف واحد بين راتبين غير متكافئين مع خدمته الفعلية، فإنه عملياً يختار الاصطفاف إلى جانب الريع ضد المرفق العمومي، ويبعث برسالة قاسية إلى آلاف المدرسين على الأطراف: أنّ تعبهم اليومي لا يساوي شيئاً أمام توقيع سياسي واحد يفتح باب الاستشارة على رواتب مضمونة بلا طبشور ولا تلاميذ.
الهضاب إنفو موقع إخباري مستقل