وزارة التربية… حين تتحوّل الملفات الإدارية إلى أدوات صراع شخصي موقع الهضاب بقلم ماء العينين أكليب

تعيش وزارة التهذيب الوطني في موريتانيا، منذ أشهر، على وقع نقاش واسع حول استخدام الملفات الإدارية للموظفين في غير أغراضها المهنية، وهو موضوع أثارته وقائع متداولة في الأوساط الإعلامية والمهتمين بالشأن التربوي، بعد أن ظهر ما يشبه ازدواجية في المعايير تجاه موظفي القطاع.

تكريم موظف… وإنذار آخر؟

القصة التي أحدثت الجدل بدأت حين تمّ – وفق ما يتم تداوله – تكريم ملحق إداري يعمل في قطاع التربية، قيل إنه يمارس التنقيب عن الذهب في ولاية تيرس زمور. وفي المقابل، جرى توجيه إنذار لملحق إداري آخر هو الصحفي أحمد ولد بلعمش، وذلك عقب نشره تعليقات ناقدة للوزير الأول محمد ولد انحاي.

ورغم أن الوزارة لم تُصدر بياناً رسمياً يوضح خلفيات هذه القرارات، إلا أن الطريقة التي وُجّه بها الإنذار، مقارنة بتكريم موظف آخر يزاول نشاطاً خارج نطاق العمل الإداري، أثارت أسئلة مشروعة لدى الرأي العام حول مدى حياد الإدارة، واستقلالية المسطرة التأديبية، ووضوح المعايير المعتمدة.

إدارة بلا معايير واضحة

يقول مختصون في الإدارة العمومية إن السلوكيات المهنية يجب أن تُقيَّم بمعيار واحد، وأن أي انحراف عن هذا المبدأ يفتح الباب لاستغلال الملفات الإدارية في تصفية الخلافات الشخصية أو السياسية.
فالإنذار الإداري، بحسب القانون، أداة تأديبية، لا يمكن استخدامها إلا وفق ضوابط دقيقة، وبعد تحقق من وجود مخالفة مهنية واضحة. أما الأنشطة الجانبية للموظفين، سواء كانت تنقيباً عن الذهب أو غيره، فهي بدورها تخضع لضوابط لا يجوز تجاهلها إذا تعارضت مع واجبات الوظيفة.

حرية الصحافة… والخط الأحمر الإداري

في حالة الصحفي ول بلعمش، يرى مراقبون أن المزج بين دوره الإعلامي ووظيفته الإدارية قد يجعل الوضع أكثر تعقيداً، لكن ذلك لا يبرر – برأيهم – استخدام العقوبات الإدارية للرد على مواد صحفية أو آراء منشورة، خاصة عندما تتعلق بانتقاد مسؤول حكومي.

ويشير قانون الصحافة في موريتانيا بوضوح إلى أن النقد الموجه للمسؤولين العموميين يدخل في نطاق حرية التعبير ما لم يتضمن قذفاً أو تجريحاً شخصياً، وهو ما يجعل اللجوء إلى العقوبة الإدارية خياراً غير مبرر في نظر العديد من الحقوقيين.

المطلوب: الشفافية لا الانتقائية

ما تحتاجه وزارة التربية اليوم ليس الدفاع عن قرارات مثيرة للجدل، ولا تبرير اختلاف المعايير، بل وضع نظام واضح وشفاف للترقية والعقوبة، يستند إلى القانون وحده، لا إلى الاعتبارات الشخصية أو السياسية.

كما أن من واجبها، حمايةً لسمعة القطاع وثقة الرأي العام، أن تنشر على الملأ المعايير التي تحكم تكريم الموظفين أو معاقبتهم، وأن تفتح المجال أمام الطعن الإداري، وأن تؤكد أن الملفات المهنية ليست أداة ضغط، بل وسيلة لتنظيم العمل وتحسين الأداء.

السؤال الذي يردده كثيرون اليوم هو:
هل أصبحت الملفات الإدارية في وزارة التربية تُستخدم لخدمة صراعات ونزاعات لا علاقة لها بالمصلحة العامة؟

الجواب في يد الوزارة.
والشفافية وحدها قادرة على إغلاق هذا الباب نهائياً، وإعادة الثقة إلى مؤسسة يفترض أن تكون نموذجاً في الانضباط والعدالة.
.

شاهد أيضاً

وزير الداخلية يترأس اجتماعا تنسيقيا لتعزيز فعالية الإدارة وتقريبها من المواطنين

ترأس وزير الداخلية واللامركزية محمد أحمد ولد محمد الأمين، مساء أمس، اجتماعا موسعا بمقر الوزارة …