.
مقدمة
في عالم تحكمه القوة وتُصاغ حقائقه في الغرف المغلقة، يكشف نعوم تشومسكي الستار عن الوجه الحقيقي لـ”سادة الجنس البشري”.
هذا الكتاب ليس مجرد مجموعة مقالات، بل هو محاولة جريئة لفهم من يحكم العالم فعلاً، وكيف تُدار الديمقراطية، وتُصنع الحروب، وتُشكَّل العقول.
من نقد الإمبراطورية الأميركية، إلى تفكيك أساطير الإعلام، إلى التحذير من الأخطار الوجودية التي تهدد مستقبل الإنسانية—يمثل هذا العمل دعوة صريحة إلى التفكير، والاحتجاج، وامتلاك الوعي.
إنه كتاب لكل من يريد أن يعرف:
من يقرر مصيرنا؟ ولماذا؟ وكيف يمكننا استعادة صوت الشعوب؟
قراءة ضرورية لكل باحث وناشط وكل من يرفض أن يكون مجرد متلقٍّ لما يُملى عليه.
.
.
الفكرة المركزية
يجمع هذا الكتاب سبع محاضرات ومقالات محورية كتبها نعوم تشومسكي بين 1969 و2013، تُشكّل معًا رؤية نقدية شاملة لطبيعة السلطة السياسية، والعنف الإمبريالي، والديمقراطية الموجّهة، ودور المثقفين في المجتمع الحديث. يعيد تشومسكي تفسير التاريخ السياسي الأمريكي والغربي من منظور تحليلي يفكك تبريرات القوة، ويناقش أشكال الهيمنة التي تمارسها الدولة تحت غطاء “الديمقراطية”، “الحماية”، و“محاربة الإرهاب”، وصولًا إلى تحذيراته حول مستقبل الحضارة تحت الرأسمالية المعاصرة.
.
.
المحاور الأساسية
1) المعرفة والسلطة ووظيفة المثقفين
يتناول تشومسكي العلاقة بين المعرفة والسلطة، وكيف تُستخدم المؤسسات الأكاديمية والإعلامية لإنتاج “إجماع مُوجَّه” يخدم سياسات الدولة.
المثقفون، في رأيه، ينقسمون بين “تقنيي الدولة” الذين يبررون السلطة و“المثقفين النقديين” الذين يفضحونها.
يقدّم نموذج “الدولة الرعائية-العسكرية” (Welfare-Warfare State)، التي تجمع بين شبكات الرعاية الاجتماعية داخليًا والتوسع العسكري خارجيًا.
2) منطق الانتقاء الأخلاقي في السياسة الدولية
يركز على مبدأ “الاستثناء” الذي تضعه الدول الكبرى لنفسها، معتبرة أن قوانين العدالة الدولية لا تُطبق عليها.
يشرح كيف تستخدم القوى العظمى خطاب “الاستثناء الأخلاقي” لتجاوز القانون الدولي، خصوصًا الولايات المتحدة.
يشير إلى حالات تاريخية يجري فيها انتقاء القوانين وتوظيفها سياسيًا.
3) العنف المشروع ومفهوم «الرخصة الإلهية للقتل»
محاكمة فكرية للخطابات التي تبرّر القتل تحت مسميات “الديمقراطية”، “القيم الغربية”، أو “الحماية الإنسانية”.
يكشف تشومسكي كيف يتحول العنف إلى أداة سياسية مغلفة بغطاء أخلاقي.
يعيد قراءة تدخلات عسكرية غربية بوصفها امتدادًا لإرث إمبريالي قديم.
4) الديمقراطية بين النظرية والممارسة
يحلل تشومسكي فكرة “الموافقة” ويجادل بأن الديمقراطية الغربية تعتمد على موافقة ظاهرية تُصنع إعلاميًا، لا على مشاركة شعبية حقيقية.
يعرض مفهوم “الموافقة المُصنّعة” (Manufactured Consent).
يتناول تناقضات المؤسسات الديمقراطية حين تُستخدم لحماية النخب بدلًا من حماية المواطنين.
5) الإرهاب، العدالة، والدفاع عن النفس
يناقش صعوبة تعريف الإرهاب عندما يكون “إرهاب الدولة” أكبر من “إرهاب الأفراد”.
يوضح أن مبدأ “الدفاع عن النفس” يُستخدم سياسيًا لتبرير الحروب.
يدعو إلى إعادة بناء أخلاقيات جديدة للعلاقات الدولية أساسها العدالة لا القوة.
6) الذكاء البشري ومأزق البيئة
يتساءل تشومسكي: هل تساعدنا عقولنا على النجاة أم تدمّر بيئتنا؟
يرى أن الرأسمالية المعاصرة عاجزة بطبيعتها عن حماية الكوكب.
يربط بين القوة الاقتصادية الضخمة للشركات وبين الانهيار البيئي المستقبلي.
7) هل تستطيع الحضارة البقاء في ظل الرأسمالية القائمة؟
يقدّم نقدًا جذريًا لرأسمالية اليوم (“الرأسمالية القائمة فعليًا”) بوصفها نظامًا يقود إلى:
تدمير البيئة،
تفكك المجتمعات،
تركز الثروة،
وتآكل الديمقراطية.
ويخلص إلى أن بقاء الحضارة يتطلب إعادة بناء النظام الاقتصادي والسياسي جذريًا.
.
.
المغزى الفكري
السلطة في المجتمعات المعاصرة تعتمد على إنتاج خطاب معرفي أكثر من اعتمادها على العنف الخام.
الديمقراطية تحتاج مساءلة مستمرة وإعلامًا حرًا، لا انتخابات شكلية.
الرأسمالية الحالية تهدد استمرارية الحضارة عبر تدمير البيئة وتعميق اللامساواة.
أخلاقيات السياسة الدولية ما تزال خاضعة لمنطق القوة والهيمنة.
المثقف الحقيقي، بالنسبة لتشومسكي، هو من يكشف زيف الخطاب لا من يبرره.
.
.
نبذة عن المؤلف
نعوم تشومسكي (ولد عام 1928)، مفكر أمريكي بارز، ولغوي أساسي أسهم في تأسيس اللسانيات الحديثة من خلال النظرية التوليدية. يُعد من أهم الأصوات النقدية في السياسة المعاصرة، عُرف بانتقاداته الحادة للسياسات الأمريكية، وللرأسمالية النيوليبرالية، وللإعلام الموجّه.
يتميّز بقدرته على الجمع بين التحليل اللغوي والفلسفة السياسية والنقد الإعلامي، مما جعله أحد أهم مثقفي القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.
.
.
خلاصة نهائية
يمثل هذا الكتاب مدخلًا مركّزًا لفكر تشومسكي السياسي، إذ يجمع أهم محاضراته حول السلطة، العنف، البيئة، والديمقراطية عبر أربعة عقود. إنه نصّ نقدي يفضح آليات الدولة الحديثة في تسيير المواطنين وتبرير الحروب، ويُبرز الحاجة إلى فكر أخلاقي مستقل يواجه أنماط السيطرة. يقدّم الكتاب رؤية شاملة تساعد الباحثين والطلاب على فهم البنية العميقة للسياسة الدولية والرأسمالية النيوليبرالية.
الهضاب إنفو موقع إخباري مستقل