الفنانة الكبيرة المعلومة منّت الميداح تكتب : رأي حول قرار منع رمي النقود في الأعراس

 

لا أفهم سبب اعتراض بعض الفنانين على القرار الذي اتخذته الدولة بمنع رمي النقود في الأعراس. في الحقيقة، أرى أن أول المتضررين من هذه العادة هم الفنانون أنفسهم. فعلى قدر ما تُرمى عليهم النقود، تضيع من كرامتهم، وكأن الفنان أصبح وعاءً تُمارس عليه “الحگرة”.

من يحترم الفنان لا يرمي عليه المال في الهواء، بل يتعامل معه باحترام واحتراف، من خلال عقد يحدد الأجر المتفق عليه، يُسلَّم له قبل المناسبة أو بعدها وفقًا لما ورد في العقد المكتوب. لذلك، من الغريب أن يهاجم بعض الفنانين هذا القرار، إلا إذا كان ردّهم هو الشكر للجهة المعنية التي سعت إلى صون كرامتهم.

إن رمي النقود على الفنانين لا يمسّ فقط كرامتهم، بل قد يعرّضهم للخطر أيضًا، خاصة في مجتمعات تعاني من الفقر، وبين شباب يواجه الحرمان والبطالة والإدمان، ولا يجد قوت يومه. كما أن هذه الممارسات قد تُثير حفيظة الشارع وتغذي مشاعر الحسد والاحتقان، وقد تكون سببًا في أعمال انتقام أو فوضى إذا ما حدث انفلات أمني – لا قدر الله.

أحترم المجتمع وأقدّر عاداته، وأعلم أن هذه الظاهرة ليست مقتصرة على موريتانيا، بل تنتشر في دول عديدة مثل الهند، السودان، الصومال، النيجر، وعدد من بلدان أفريقيا وآسيا. ورغم أن بعض هذه المجتمعات قد حاولت “تحديث” طريقة رمي النقود، إلا أن جوهر العادة يبقى مسيئًا، لأنها تنتقص من قيمة الفن والفنان.

لقد تحدثت عن هذا الأمر منذ زمن بعيد، غير أن ردود فعل بعض الفنانين كانت آنذاك قاسية وغير منصفة. والحقيقة أن المجتمع هو من صنع هذه الظاهرة، لا الفنان. لذلك، كان الأجدر بالفنان أن يرفع صوته مطالبًا بحقوقه المهنية والاجتماعية، وأن يعمل على الارتقاء بفنه ومكانته داخل المجتمع، لا أن يتمسك بعادة تُهين كرامته.

ومادامت دولة القانون والعدالة لم تترسخ بعد، وما دامت الكفاءات لا تُكرَّم كما ينبغي، بل تُقصى بفعل المحاصصة، فإن من حق الفنانين – باعتبارهم شريحة اجتماعية فاعلة – أن يطالبوا بمكانتهم المستحقة ونصيبهم من الفرص. فبين الفنانين كفاءات عالية في مجالات الهندسة المعمارية والمعلوماتية وغيرها من التخصصات، لكنهم يُحرمون من العمل اللائق فقط لأنهم يُنظر إليهم من زاوية فنية ضيقة لا تعبّر عن قدراتهم الحقيقية.

شاهد أيضاً

إحالة وردة سلمان إلى قطب مكافحة الإرهاب

  أحالت النيابة العامة بولاية نواكشوط الغربية الناشطة في حركة «إيرا»، وردة أحمد سليمان، إلى …