لماذا وزيرة التربية لا تستقيل؟ ولماذا لا يستقيل الوزير الأول ؟ المغرب نموذجا -بقلم الشيخ ماء العينين اكليب-

في عالم السياسة والإدارة، الاستقالة ليست هزيمة، بل أرقى أشكال المسؤولية. الوزير أو المسؤول الذي يعجز عن تحقيق تطلعات شعبه، أو يقود قطاعًا نحو الأزمات بدل الإصلاح، يُفترض أن يغادر مقعده احترامًا لذاته ولمصالح الناس. لكن، في واقعنا المغاربي، يبدو أن الاستقالة كلمة غريبة عن القاموس السياسي.

وزيرة التربية، مثلها مثل الوزير الأول المغربي، يواجهان انتقادات واسعة تتعلق بتسيير قطاعات حساسة تمس حياة المواطنين بشكل مباشر. ومع ذلك، يواصلان البقاء في مناصبهم وكأن شيئًا لم يحدث. السؤال البسيط: لماذا لا يستقيلان؟

الجواب قد يكون في طبيعة البيئة المحيطة بهما. فالمسؤول عندنا لا يجد من ينصحه بصدق، لأن الموظفين من حوله نوعان: موظف يخشى أن يخسره إذا تجرأ على مواجهته بالحقيقة، أو موظف لا يرى في منصبه سوى وسيلة لحماية امتيازاته. وهكذا يغيب صوت النقد البنّاء، وتُكمم الأفواه، ويبقى القرار أسير دوائر ضيقة من الولاء الشخصي والخوف من فقدان الكرسي.

لكن المشكلة أعمق من أشخاص بعينهم. مؤسساتنا كلها تعاني من غياب المسار الوظيفي. فالموظف الذي يدخل الوظيفة عبر مسابقة شفافة يُترك مهمشًا، بلا رؤية، بلا أفق، وكأنه آلة بلا مشاعر أو طموح. أما التعيينات، فتوزع على أساس الولاء والمحسوبية، لا على أساس الكفاءة والجدارة.

هذا الخلل البنيوي هو ما يجعل الفشل يتكرر، والأزمات تتوالى، من دون أن يتحلى أحد بالشجاعة ليقول: “لقد فشلت، وسأغادر”. إن ثقافة التمسك بالكراسي، رغم الفشل، تحرم المؤسسات من فرصة الإصلاح وتزرع الإحباط في صفوف الموظفين والمواطنين على حد سواء.

ما المطلوب؟

ترسيخ ثقافة الاستقالة كقيمة أخلاقية وسياسية.

وضع قوانين واضحة تضمن مسارًا وظيفيًا شفافًا لجميع الموظفين.

إنهاء التعيينات القائمة على الولاء الشخصي، وتعويضها بمعايير الاستحقاق والمنافسة.

فتح الباب للنقد الداخلي والتقييم المستقل بعيدًا عن الخوف أو التملق.

فإذا لم نستطع أن نخلق مناصب تليق بالكفاءات، ولم نتعلم كيف نغادر بكرامة حين نفشل، فسنظل ندور في نفس الدوامة: مسؤول يراوغ، شعب محبط، ومؤسسات عاجزة عن التطوير.

شاهد أيضاً

مصدر في الأكاديمية البحرية يقدم توضيحات حول قضية المترشح أنجاي آداما صال

قدم مصدر في الأكاديمية البحرية، توضيحات حول قضية المترشح أنجاي آداما صال التي أثيرت في …