عودة إلى الجذور

في لحظة تختلط فيها قوة الكلمة بعمق المشاعر، كتب أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة نواكشوط في تسعينيات القرن الماضي، الشيخ عبد القادر جاوارا، تدوينة مؤثرة على صفحته في فيسبوك، أعلن فيها أنه سيعود إلى أرض الوطن قادما من فرنسا، حيث كان يتلقى العلاج، ليدفن في ثرى مسقط رأسه، مدينة كيفه.
أي معنى أعمق من هذا؟ أن يختار الإنسان أن يودع الحياة في حضن الأرض التي منها خرج وإليها يعود، أن يُسلم الروح مطمئنة في مكان ظل يسكنه في الغياب كما في الحضور.
الأستاذ جاوارا ـ شفاه الله وعافاه ـ لم يكن مجرد اسم في لوائح التدريس، بل كان نغمة مميزة في قسم اللغة الإنجليزية: صوته الجهوري، لغته السليمة، أناقته الهادئة، وأخلاقه الرفيعة التي جمعت بين الوقار والأريحية حجزت له مكانا مرموقا في أخيلة طلابه.
اليوم، إذ يكتب تلك الكلمات البسيطة الموجعة، نرى أستاذا يعلمنا من جديد درسا مختلفا: درس الوفاء للأرض، ودرس الانتماء الذي لا يشيخ، ودرس التواضع والثبات أمام حتمية الرحيل.
رحلة جاوارا ليست مجرد انتقال من بلد إلى آخر، بل هي عودة إلى الجذور، إلى ما هو أعمق من المكان وأقدم من الزمان.

شاهد أيضاً

وزارة التربية تطلق حملة وطنية استعدادا للعام الدراسي 2025-2026 .صفية بنت بنب -بإسم الوزارة

في إطار الإجراءات التي تتخذها وزارة التربية وإصلاح النظام التعليمي للتحضير للسنة الدراسية الجديدة 2025-2026، …