شهدت مقاطعة كرمسين في ولاية الترارزة حدثا تنمويا وسياسيا بارزا مع الزيارة الرسمية التي قام بها فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي سبقتها جولة ميدانية لرئيس حزب الإنصاف، معالي الوزير سيد أحمد ولد محمد.
وقد تحوّل الاستقبال الشعبي الحافل إلى مشهد يعكس عمق الانتماء الوطني، ووعي السكان بأهمية المشاريع المعلن عنها ودلالاتها الاستراتيجية.
إن أهم ما ميّز هذه الزيارة هو تدشين ووضع حجر الأساس لجملة من المشاريع الحيوية، خصوصا في قطاع المياه، إذ لا يقتصر الأمر على مقاطعة كرمسين، فالعاصمة نواكشوط، التي تعاني منذ عقود من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، تجد في هذه المبادرات الحكومية استجابة عملية لاحتياجاتها، من خلال تأمين المياه الصالحة للشرب، عبر إنشاء شبكات توزيع حديثة وتوسعة الطاقة الإنتاجية لمحطات الضخ، ما يضمن وفرة واستدامة الإمدادات، وكذلك تحسين البنية التحتية بتعزيز قدرة الشبكات على تلبية الطلب المتزايد مع نمو السكان والأنشطة الاقتصادية، فضلا عن القضاء على ظاهرة الطمي التي تؤدي إلى عطش نواكشوط مع حلول مواسم الأمطار.
هذه الخطوات تترجم التزام الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع المشاريع التنموية على نحو متوازن بين الولايات، بما يخفف معاناة السكان ويدعم استقرارهم.
لم تكن الحفاوة التي أبداها سكان كرمسين مجرد تقليد اجتماعي؛ بل حملت رسائل سياسية عميقة.
فقد جاء الالتفاف الشعبي الواسع بمثابة تجديد للثقة في خيارات القيادة الوطنية. إن استقبال الأهالي لرئيس حزب الإنصاف قبل أيام من وصول الرئيس يعكس انسجاما بين القاعدة الشعبية والحزب الحاكم، ويشير إلى وعي جماعي بضرورة استمرار مسار الإصلاحات.
وتندرج هذه المشاريع ضمن رؤية الرئيس الغزواني لموريتانيا “عادلة ومتوازنة”، حيث لا تظل التنمية حكرا على العاصمة أو المدن الكبرى، بل تمتد لتشمل المقاطعات الريفية. هذه الاستراتيجية، التي ترتكز على توفير الخدمات الأساسية، ستساهم في الحد من الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى، وخلق فرص عمل محلية من خلال استثمارات مرافقة في قطاعات الزراعة والخدمات، فضلا عن تعزيز الانسجام الاجتماعي عبر تلبية الحاجات الملحة للمواطنين.
لقد أثبتت زيارة كرمسين أنّ التنمية ليست مجرد مشاريع بنى تحتية، بل هي أيضا فعل سياسي واجتماعي يعزز الثقة بين المواطن والدولة.
فالمشهد الذي رسمه سكان المقاطعة من حفاوة استقبال وصدق انتماء يعبّر عن شراكة حقيقية في بناء موريتانيا متوازنة وقوية، تقودها قيادة تسعى إلى تحويل الوعود إلى واقع، وترسخ قيم الوحدة والإنصاف في مسيرة التنمية الوطنية.