وجه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء اليوم خطابا إلى الأمة، بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لعيد الاستقلال الوطني المجيد.
الرئيس قال إن رؤيته لمستقبل البلاد تجعل من الإنسان محور التنمية ومصب الاستثمار الأول ومدار كل السياسات العمومية سواء تعلقت بإقامة دولة عصرية قوية المؤسسات مسخرة لخدمة المواطنين مع منح الأولوية لأكثرهم ضعفا وهشاشة، أو تعلقت بتأسيس اقتصاد صامد وصاعد، أو ببناء مجتمع معتز بتنوعه متصالح مع ذاته.
مضيفا أن هدف رؤيته في مبدئها وغايتها هو بناء وطن يعتز أبناؤه بالانتماء إليه ويتشرفون بالدفاع عنه ويشاركون جميعا في تدبير شؤونه وطن يصون كرامة مواطنيه وحرياتهم وهويتهم الدينية والحضارية وتراثهم الثقافي المتنوع الثري، ويهيئ لهم في العدل والأمن والانصاف أسباب المنعة والتقدم والازدهار التي تعزز فرصهم في تحقيق آمالهم وتطلعاتهم.
فيما يلي نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
مواطني الأعزاء،
يشرفني، ويسعدني كثيرا، أن أتوجه إليكم، أينما كنتم، داخل البلاد وخارجها، بأحر التهاني بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لعيد العزة والكرامة والشموخ، عيد استقلالنا الوطني المجيد.
إنها ذكرى ميلاد أمل جديد في الحرية، والعدالة، والانصاف، وفي التقدم والازدهار. أمل نشأ من رحم تراكمات الفعل المقاوم الذي اضطلع به، عسكريا وثقافيا، مجاهدونا الأبطال وعلماؤنا الأجلاء، من كل مكونات شعبنا الأبي، دفاعا عن حريتنا وكرامة أرضنا. وستظل مواقفهم وبطولاتهم محفورة في الذاكرة، على مدار الزمان، نستلهم منها، جيلا بعد جيل، معاني عظمة النفوس وشموخها، وعزة الأوطان واستحقاقها التضحية والوفاء.
وهي معان استلهمتها، على الوجه الأتم، قواتنا المسلحة وقوات أمننا، في استبسالها وتضحياتها، ذبا عن الحوزة الترابية للوطن وسيادته وأمن مواطنيه. فلها، ولكل منتسبيها، فردا فردا، ضباطا كانوا أو ضباط صف أو رتباء، كل التقدير والامتنان.
ولنترحم جميعا على سائر شهداء الوطن متى وأينما سقطوا في سوح الشرف.
أيها المواطنون أيتها المواطنات،
إن من أقوى ما يحرك عجلة النهوض والتقدم، لدى الأمم والشعوب، قوة الإرادة لدى الإنسان وأمله حين يقترن بالأسباب الموضوعية التي تدعم إمكان تحققه، فذلك ما تتحرر به الطاقات الإبداعية ويتعزز به الجهد الجماعي، فتتنوع المبادرات الخلاقة، ويقوى التنافس على العمل المثمر والابتكار المفيد، وتندفع بذلك قاطرة الإنتاج، والتنمية والبناء.
ولذا جعلنا من الإنسان في رؤيتنا لمستقبل بلادنا، محور التنمية، ومصب الاستثمار الأول، ومدار كل السياسات العمومية، سواء تعلقت بإقامة دولة عصرية، قوية المؤسسات، مسخرة لخدمة المواطنين مع منح الأولوية لأكثرهم ضعفا وهشاشة، أو تعلقت بتأسيس اقتصاد صامد وصاعد، أو ببناء مجتمع معتز بتنوعه، متصالح مع ذاته.
وهدف رؤيتنا هذه، في مبدئها وغايتها، هو بناء وطن يعتز أبناؤه بالانتماء إليه، ويتشرفون بالدفاع عنه، ويشاركون جميعا في تدبير شؤونه، وطن يصون كرامة مواطنيه وحرياتهم وهويتهم الدينية والحضارية، وتراثهم الثقافي المتنوع الثري، ويهيئ لهم، في العدل والأمن والانصاف، أسباب المنعة والتقدم والازدهار التي تعزز فرصهم في تحقيق آمالهم وتطلعاتهم.
وإن الشرط الأول لإمكان تنفيذ هذه الرؤية على الوجه المأمول، قيام الاستقرار واستتباب الأمن، وهو شرط وفقنا، والحمد لله، في إحرازه، على الرغم مما يتردد، في المحيطين الدولي والإقليمي، من دوي عواصف العنف والإرهاب، والتأزم السياسي والاجتماعي.
وما ذاك إلا بفضل الله وقوته، ومساهمتكم جميعا، وبالتنفيذ الناجع لاستراتيجيتنا الأمنية في مختلف أبعادها.
وكذلك بدبلوماسيتنا النشطة، القائمة على مبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل، والتعاون المثمر والبناء، والتمسك بقيم السلم، والأمن، والإخاء بين شعوب العالم. كل ذلك من دون مساومة في الوقوف بحزم وقوة مع القضايا العادلة، كالقضية الفلسطينية التي هي بالنسبة لنا، مظلومية شعب وحرمة مقدسات ونصرة أشقاء.
إن حرصنا على استتباب الأمن، لا يضاهيه إلا إصرارنا على التخلص، نهائيا، من مختلف أشكال الغبن والتهميش، والإقصاء، والفقر والهشاشة، انسجاما مع مبدئنا الثابت في لزوم مؤازرة مواطنينا الأضعف والأقل دخلا.
ولقد تطلبت منا مواجهة هذه الظواهر، من جهة، الإسراع إلى دعم مواطنينا الأكثر فقرا وهشاشة، وتعرضا للغبن والتهميش، من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي واسعة، متعددة الآليات والأبعاد، درئا لتفاقم وضعهم المعيشي وتعزيزا لقدرتهم على الصمود، ومن جهة أخرى، تكثيف الجهود لسد النواقص وتصحيح الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، البنيوية منها والمؤسسية، والتي هي منشأ هذه الظواهر المقيتة، أصلا.
وعلى الرغم مما اجتاح العالم من أزمات حادة، عصفت باقتصاداته وأعاقت المشاريع والخطط التنموية في كل البلدان، بما فيها الأكثر تقدما ونماء، فقد استطعنا أن نحقق، على المسارين، نتائج جد معتبرة.
فلا تزال شبكة الأمان التي بنيناها تتوسع من حيث عدد الأفراد المستفيدين، وتتنوع من حيث أشكال الدعم التي توفرها، كالتحويلات النقدية والمواد الغذائية المدعومة والضمان الصحي والتسهيلات الاستشفائية العديدة كالتكفل بمرضى السرطان والفشل الكلوي وصرف إعانات شهرية لصالحهم.
وقد بلغت تكلفة الإنفاق الاجتماعي، خلال السنوات الأربع الماضية، ما يناهز 623 مليار أوقية قديمة.
وينضاف إلى ذلك ما بذلناه من جهد في سبيل تمكين المواطنين الأكثر ضعفا من النفاذ إلى الملكية العقارية في إطار برامج عدة أخرى، آخرها، مشروع حياة جديدة، الذي سيمكن في مرحلته الأولى من تمليك 9118 أسرة قطعا أرضية في محيط كامل التهيئة، وكذلك من النفاذ إلى السكن اللائق من خلال بناء 2300 وحدة سكنية، ما بين المنتهية بناء والمتقدمة أشغالا. ويأتي كل ذلك في سياق الإسهام في تجسيد أمل المستفيدين في حياة جديدة وعيش كريم.
إن بناء نظام رعاية اجتماعية شامل وفعال، على الرغم من عظيم الإنجازات التي تحققت في سبيله، لا يزال يحتاج الكثير من الجهد. لكن الرؤية بخصوص ضرورته قائمة، وقوة العزم والإرادة حاضرة، وقد اكتملت أساساته، وبدأ بناؤه في الارتفاع، وسيكتمل بحول الله وقوته، وبفضل جهودنا جميعا.
غير أن الدعم الاجتماعي، بالغا ما بلغ، لا يمكن أن يشكل، بمفرده، حلا مستديما لمشكل الفقر، والهشاشة، والغبن والإقصاء، بل لا بد أن يواكبه عمل جاد وناجع في معالجة الأسباب الرئيسية في تفشي هذه الظواهر والمتمثلة في الاختلالات البنيوية على مستوى الحكامة المؤسسية والسياسية، وكذا الحكامة الاجتماعية والاقتصادية.
وبناء عليه، عملنا على تطوير ودعم وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وركزنا على إصلاح النظام القضائي، إذ القضاء هو الركيزة الأساسية لكل دولة قانون، ولذلك نعمل حاليا على تنفيذ الوثيقة التشاورية حول إصلاح العدالة لعصرنة القضاء وتعزيز استقلاليته.
كما اتخذنا من الانفتاح على الجميع، والحوار والتشاور، خيارا استراتيجيا في مقاربتنا للشأن العام، مكننا من ترسيخ مبدأ أولوية الاتفاق على الأساسيات وضرورة إبقاء الاختلاف والتباين في إطار عام من المسؤولية والاحترام. كما مكننا من تهدئة الحياة السياسية بفضل ما أبنتم عنه جميعا، وخاصة القوى السياسية، من تجاوب واستعداد لتجاوز ما كان يطبع ساحتنا السياسية من حاد التأزم ودائم التوتر.
ولقد ساهم خيار التهدئة هذا في تعزيز لحمتنا الاجتماعية، ووحدتنا الوطنية، ومن ثم في المساعدة على تجاوز الأزمات الهدامة التي عرفها العالم مؤخرا بأقل الضرر الممكن. كما مكن من خلال التشاور بين مختلف القوى السياسية من تنظيم انتخابات تشريعية، وجهوية وبلدية على أساس توافقي تام، على قواعدها وأسس تسييرها.
كما حرصنا على إشراك الجميع في تدبير الشأن العام، فرسخنا اللامركزية وعززنا النسبية توسيعا لقاعدة التمثيل، وأنشأنا لائحة انتخابية جديدة دعما لتمثيل الشباب وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، تكريسا للانصاف ورفضا للتهميش والغبن والإقصاء.
وقد رسخنا كذلك الحريات الفردية والجماعية، وأعلنا الحرب على الصور الاجتماعية النمطية السلبية، مؤكدين على ضرورة التخلص منها لمصادمتها مقاصد الشرع ومقتضيات القانون ومنافاتها مفهوم الدولة الحديثة وإضرارها باللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية.
وكذلك حاربنا كافة المسلكيات التي تناقض حقوق الإنسان، فجرى العمل على تنفيذ الخطة الوطنية لمحاربة الإتجار بالأشخاص، وسن الترسانة القانونية الملائمة لذلك، واعتماد خارطة طريق لمواءمة القوانين مع المعاهدات الدولية المصادق عليها في هذا الإطار، وتقوية قدرات منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان.
وقد واكب كل هذه الإنجازات جهد إصلاحي شامل على مستوى الحكامة الاقتصادية، فتم العمل على إصلاح منظومة الصفقات العمومية، وتبسيط وعصرنة المنظومة الجبائية، وانتهاج مقاربة جديدة في محاربة الفساد تقوم على المؤسسية والصرامة والاستمرارية.
وقد ساعد ذلك في رفع مستوى التحكم في دورة الإنفاق العمومي للتمكين من تمويل المشاريع والبرامج الاجتماعية مع التقليل من اللجوء إلى الاقتراض دعما لجهودنا في تخفيض نسبة الدين إلى الناتج الداخلي الخام والتي انتقلت من 70% سنة 2019 إلى 43% سنة 2022.
كما أفضت خياراتنا الاقتصادية الصائبة إلى تعافي اقتصادنا وخروجه بأخف الأضرار من تداعيات أزمة كوفيد والحرب الروسية – الأوكرانية، فوصل معدل نمو الناتج الداخلي الخام 6,4% سنة 2022 ومن المتوقع أن يصل 6,8% سنة 2024.
وتواصلت في ذات الوقت جهودنا في سبيل السيطرة على التضخم الذي يتوقع أن يصل معدله في نهاية العام الجاري إلى 4,5% بعد أن كان في حدود 11% سنة 2022.
ومكنت كل هذه الإصلاحات من المحافظة على التوازنات الاقتصادية الكبرى، وكذلك من تحسين مستوى النفاذ، كما وكيفا، إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وصحة.
فبلغت نسبة النفاذ إلى الماء الصالح للشرب 72,33%، وتقدمت الأشغال في مشاريع مهمة، نذكر منها تمثيلا لا حصرا:
– مشروع توسعة شبكة التوزيع في مناطق عدة من مقاطعات عرفات وتوجنين والرياض والميناء،
– المرحلة الثانية من مشروع الإمداد بمياه الشرب من آفطوط الشرقي،
– مشروع تزويد مدينة ولاتة بالماء الصالح للشرب انطلاقا من مياه أظهر،
– مشروع تزويد مدينتي لعيون وجكني، انطلاقا من مياه أظهر،
– مشروع تزويد مدينة كيفه والمناطق المجاورة لها بالماء الصالح للشرب، انطلاقا من مياه النهر،
– العمل على الحل النهائي لمشكل المياه في نواذيبو، انطلاقا من بولنوار ومن محطات تحلية مياه البحر،
وقد اكتملت دراسة مشروع يهدف إلى توفير المياه لصالح 156 قرية وتجمعا سكنيا واقعة بين بوكى والغايرة، انطلاقا من مياه النهر، وسيتم البدء في أشغاله قريبا.
كما تعمل الحكومة حاليا على إطلاق مشروع لصرف صحي فعال في مدينة نواكشوط لأول مرة منذ الاستقلال.
كما وصل النفاذ إلى الكهرباء نسبة 91,8% في الوسط الحضري و56% على مجمل التراب الوطني، ويجري تنفيذ العديد من المشاريع الهيكلية لتحسين مستواه.
فقد اكتمل:
– مشروع الكهربة الريفية في منطقة آفطوط الشرقي الذي سيغطي مثلث سيليبابي- مونكل– أمبود،
– مشروع المحطة الهوائية 100 ميغاوات في بولنوار والتي بدأ استغلالها فعليا.
– تركيب الدارة الثانية على خط انواكشوط – انواذيبو،
– مشروع كهربة 22 قرية في ولاية اترارزة،
– مشروع خط 225 ك. ف بين انواكشوط وكرمسين،
كما تقدمت الأشغال في مشروع تدعيم محطات إنتاج الكهرباء في 50 مقاطعة.
وانطلقت الأعمال في:
– مشروع مد شبكات بطول (3000) كلم، في ولايات اترارزة، ولبراكنه، وكوركول وكيدي ماغا،
– مشروع كهربة المناطق ذات المقدرات الزراعية والرعوية في ولايات الحوضين ولعصابه عبر بناء محطات هجينة وشبكات توزيع منعزلة،
– مشروع كهربة 46 قرية في ولايتي لبراكنة واترارزة.
وستنطلق الأعمال قريبا في مشروع حلقة شبكات الجهد المتوسط على الخط كيهيدي- لكصيبة- أمبود – سيليبابي- بيديام- دياكيلي- كوري- مقامة- كيهيدي.
كما نعمل الآن على تعبئة الموارد لبناء خط جهد عالي يربط نواكشوط بالنعمة يشكل خط أمل كهربائي جديد، ويجري كذلك العمل على إكمال خارطة طريق لتطوير الهيدروجين الأخضر.
وعلاوة على هذا، حسنّا، كما وكيفا، النفاذ إلى الخدمة التعليمية، بفضل زيادة عدد المعلمين بنسبة 79% قياسا بما كان عليه سنة 2019، وتوسيع البنية التحتية المدرسية من خلال تشييد 3600 قاعة درس، وزيادة عدد الكفالات المدرسية بنسبة 140%، فانتقل عدد المدارس التي بها كفالات مدرسية من 512 مدرسة، سنة 2019، إلى 1379 مدرسة، سنة 2023.
وقد تم كل ذلك في سياق إصلاح شامل وعميق لمنظومتنا التعليمية، أطلقنا بموجبه العام الماضي مشروع المدرسة الجمهورية، تمكينا لأبنائنا من الاستفادة، في ظروف متماثلة، من خدمة تعليمية ناجعة تؤهل شبابنا للانخراط النشط والفعال في الحياة المهنية.
فالشباب، عنفوان وقوة طموح، وهو أمل الأمة وطاقتها الخلاقة، لذا لم ندخر جهدا في تمكينه من أداء دوره كفاعل تنموي أصيل، فعملنا ونعمل، على تعزيز حضوره في مختلف دوائر صنع القرار.
وكذلك على تكوينه، وتأهيله، ومنحه فرص ولوج الحياة المهنية النشطة، فدعمنا التكوين المهني وتوسعنا في دعم وإنشاء مراكزه ومعاهده، وكذلك المؤسسات العليا المهنية كالمدرسة العليا للتجارة، والمعهد العالي للرقمنة، ومدرسة التكوين المهني والفني في مجالات الطاقة والبترول والغاز.
وتم بناء مركب جامعي جديد بسعة 11.000 طالب، كما يجري العمل على إنشاء جامعة للتخصصات العلمية، تكفلت، مشكورة، دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ببنائها. وقد تقرر أن تحتضنها مقاطعة توجنين.
وكثفنا كذلك من خلق فرص العمل وتمويل المشاريع المدرة للدخل، فبرسم السنة الجارية وحدها، تمكنا من تكوين وتأهيل 11000 شاب، تكوينا أصليا، وتوفير تكوين مستمر لما يناهز 8500 شاب.
وعلاوة على ذلك، تم التوسع في البنى التحتية الصحية من مستشفيات ومراكز ونقاط صحية، فقد اكتملت الأشغال في بناء وتجهيز مستشفيين جهويين، كل بسعة مائة وخمسين (150) سريرا بأطار وسيلبابي، وتقدمت الأشغال في ثلاثة مستشفيات جهوية بكل من لعيون وألاك وتجكجه، كما انتهت الأشغال في توسيع وتجهيز المركز الطبي للتخصصات.
كما تم العمل على تكوين وتأهيل الطواقم الصحية وتأمين المستلزمات الطبية من أجهزة وأدوية، وانطلقت خدمات الصندوق الصحي التضامني الموجه للقطاع غير المصنف.
ونظرا لاحتياج تطوير كل الخدمات الأساسية إلى بنى طرقية عصرية، فقد بذلنا في هذا المجال جهودا كبيرة مكنت من إنجاز أكثر من 700 كلم من الطرق المعبدة ومن التقدم في العديد من مشاريع البنى التحتية الأخرى.
فالأشغال متقدمة في طريق تجكجة – ول ينج، وستنطلق أعمال طرق أطار – شنقيط، والصواطة -مونكل – باركيول في الأسابيع والأشهر المقبلة.
كما تم إطلاق مشروع كبير لتحسين انسيابية النقل الحضري في نواكشوط.
وستكتمل الأعمال في جسر باماكو قبل نهاية السنة الجارية، وفي جسور الحي الساكن ومدريد وروصو قبل نهاية 2024.
وينضاف إلى كل ما تقدم تركيزنا المستمر على تصميم وتنفيذ سياسات متكاملة لتنمية قطاعاتنا الإنتاجية مكن من تحقيق اكتفاء ذاتي من الأرز بلغ نسبة 89%، ومن زيادة الإنتاج الوطني من الحبوب بنسبة 42% مقارنة مع مستواه سنة 2019، ومن استصلاح 8854 هكتارا من المساحات الزراعية وإنشاء محاور مائية بطول 197 كلم وفك العزلة عن مناطق الإنتاج وكهربة هذه المناطق.
وزيدت كذلك، على نحو معتبر، الميزانية المخصصة للصحة الحيوانية، وتم تنفيذ مشروع كبير وطموح لدعم قطاع التنمية الحيوانية، وتفعيل صندوق ترقية تنمية الثروة الحيوانية. واعتمدنا في ذات الوقت، سياسة عززت الحكامة الرشيدة والاستغلال الأمثل للثروة السمكية بما يصون استدامتها ويؤمن دمجها في الدورة الاقتصادية الوطنية.
كما تم إيلاء قطاع المعادن بالغ الأهمية لمحوريته في التنمية الاقتصادية. وفي هذا الإطار عكفنا على وضع وتنفيذ خطة تطويرية للشركة الوطنية للصناعة والمناجم تهدف إلى مضاعفة إنتاجها في أفق 2030.
وكنتيجة لهذه الخطة يتوقع أن يصل إنتاج الشركة هذه السنة حدود 14 مليون طن لأول مرة في تاريخها.
وفي ذات السياق، وضع الحجر الأساس لمشروع افديرك الذي سيزيد إنتاج الشركة، على الأقل، بمليوني طن. وقد بدأت كذلك دراسة الجدوائية لمنجم تزرقاف الذي يتوقع وصول طاقته الإنتاجية إلى ستة ملايين طن.
وتجري المفاوضات، حاليا، بين الشركة وبعض شركائها بخصوص إطلاق مشروع العوج الذي ستصل قدرته الإنتاجية 11 مليون طن.
كما بذلت جهود استثنائية في تنظيم وتأطير التعدين الأهلي وفق شروط سمحت لمختلف فئات المجتمع الاستفادة من هذه الثروة، ومما تتيحه من آلاف فرص العمل للشباب.
كما سمحت بزيادة معتبرة في عدد الوحدات الصناعية، وفي كمية الإنتاج، وفتحت بذلك، أمام هذا القطاع، آفاق واعدة.
أيها المواطنون أيتها المواطنات،
يتبين من مجمل ما تقدم أننا، مع ما اجتاح العالم من أزمات هدامة، وما وجدنا عليه الوضع، إنمائيا، واجتماعيا وسياسيا، قد استطعنا في السنوات الأربع المنصرمة، أن نحرز، بفضل جهودكم جميعا، نتائج جد معتبرة، فالاستقرار لدينا قائم، والأمن مستتب، ووضعنا الاقتصادي مريح، تتوازن فيه المؤشرات الكبرى، وتدعمه ثقة عالية لدى شركائنا، وكل أفقه فرص متنوعة وأمل تغذيه عشرات المشاريع الكبرى التي هي قيد الإنجاز، ودنو موعد تصدير ثروتنا الغازية المبشر.
غير أن تعدد الفرص والإمكانات لا يفيد إلا بقدر ما يكون المواطن مهيئا بالتكوين والتأهيل، مؤمنا بقيم العمل، والجد والمثابرة.
وإنني لعلى ثقة تامة بأننا قادرون، بتعاضدنا وقوة عزائمنا، على الاستغلال الأمثل لما يتيحه وضعنا الراهن وتبشر به آفاقنا الواعدة من فرص متنوعة، لنجسد معا أملنا في الوطن الذي نريده جميعا، وطن الإخاء والتآزر والعدل والتنمية المستديمة الشاملة.
عشتم وعاشت موريتانيا حرة، مستقلة ومزدهرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.