نص المقابلة
– هل أنت مسرورو بعودتك للبلاد بعد كل هذه السنوات الطويلة؟
– لا يمكن إلا أن أكون مرتاحا للعودة إلى البلاد. إنه لمن السعادة بمكان أن أجد أهلي وأعود إلى بلادي. لقد ارتحت عندما رأيت كم كان الموريتانيون متضامنون معي إذ وجدت كل الطيف الموريتاني في استقبالي، فقد زارني الرئيس السابق محمد خونا ولد هيداله، وزارني النواب البرلمانيون، وزعامات القبائل والجهات.. وأنا اليوم بصدد زيارة والديّ، أبي وأمي، فأجثو عند قبريهما مترحما.
– والدك توفي وأنت في المنفى، ولم يسمح لك بحضور جنازته..
– نعم، للأسف.
– في فترة نظام محمد ولد عبد العزيز تمت متابعتك بتهمة التنسيق مع الجماعات الإرهابية في الساحل.. إنها تهمة خطيرة.
– صحيح أنها تهمة خطيرة، لكن كافة الموريتانيين، وحتى كافة بلدان المجتمع الدولي يعرفون أنها تهمة زائفة. لذلك لم تنفذ أبدا مذكرة التوقيف التي أطلقها هذا النظام ضد شخصي. لقد سافرت كثيرا فزرت الدول العربية والأوربية والإفريقية ولم تجد هذه المذكرة أي صدى، لأن الكل يعرف أنها مذكرة توقيف سياسية صدرت في حقي لأنني عارضت بشكل شرس اختطاف بلادي من طرف نظام ولد عبد العزيز. والحقيقة أن جريمتي الوحيدة هي معارضتي للانقلاب الذي قاده لأنني، مبدئيا، ضد الانقلابات.
– صحيح أنك كافحت ضد نظام محمد ولد عبد العزيز، لكن، ألم تكن لدى الرجل الشجاعة السياسية لمغادرة الحكم بمحض إرادته؟
– لم يكن أمامه من خيار إلا مغادرة الحكم لأن الوضع كان على درجة تجعل النظام عاجزا عن المواصلة.
– إذن تريد القول بأنه كان مرغما على المغادرة؟
– البعض يقول انه كان مرغما على ذلك. وأنا لا أعرف بالضبط الظروف التي غادر فيها.
– بعد وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى دفة الحكم، ألغت العدالة الموريتانية المتابعات بحقك.. هل يعني ذلك أنك مقرب من نظامه؟
– لا أعتقد أن العدالة ألغت المتابعات انطلاقا من كوني مقرب من النظام، بل يتعلق الأمر فقط بإحقاقها للحق. لقد أعادت إلينا حقوقنا: أنا ومحمد ولد بوعماتو لأننا كنا رهن متابعة جائرة.
– ذكرتم ولد بوعماتو، وهو أحد أثرى أثرياء موريتانيا، ألم تكوّن معه ثنائيا سيكون له تأثير كبير على الحياة السياسية بموريتانيا؟
– هذا الجانب ليس ضمن مشروعنا. نحن مواطنون موريتانيون عاديون، هو بوصفه رجل أعمال مهم أنجز الكثير لبلاده، وأنا بوصفي مواطن.
– نعم، مواطن يمتلك أحد أكبر دفاتر العناوين في غرب إفريقيا. لمن ستمنح هذا الدفتر؟
– في كل الأخوال، أنا تحت تصرف بلدي. نحن نحتاج إلى تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق التنمية، ودفتر عناويني سيكون تحت تصرف الموريتانيين.
– وتحت تصرف رئيس الدولة أيضا؟
– تحت تصرف موريتانيا وكل الموريتانيين بمن فيهم رئيس الدولة.
– وذلك بغية تعزيز مكانة بلادكم على الساحة الدولية والساحة الإفريقية؟
– بالفعل، أنا تحت تصرف بلادي.
– هل ستصبح المستشار الخاص لرئيس الدولة؟
– ليس هذا ضمن المشاغل والمواضيع الحالية.
– كنت المستشار الخاص لابليز كومباوري في بوركينافاسو، فلم لا تكون المستشار الخاص لرئيس بلادكم؟
– كنت صديق ابليز كومباوري الذي أكن له الكثير من الاحترام. وقد عملت معه، ولست نادما.
– أنت معروف منذ أكثر 10 سنوات بدورك في إطلاق سراح الرهائن في الساحل.. لماذا تنجح في ما يفشل فيه الآخرون؟
– ربما أن لدي علاقات أكثر من الآخرين. عندما تقومون بمهام غير بسيطة فإنكم تخاطرون كثيرا لمعرفة كيف تتواصلون مع هؤلاء ومع أولئك، ولمعرفة كيف تطرحون المشاكل. وربما أنني وجدت الكلمات المناسبة.
– وجدت الكلمات المناسبة لمخاطبة المختطفين؟
– نعم، وجدت الكلمات المناسبة.
– وما هي هذه الكلمات المناسبة؟
– تعلمون أن التفاوض صعب جدا مع عالميْن مختلفين تماما: عالم المختطفين وعالمنا. أعتقد أنه يتوجب التقرب منهم. مشكلة الرهائن مشكلة إنسانية. لابد من استراتيجية للإقناع ولخلق الثقة. لقد وجدت الكلمات المناسبة، ولا أريد أن أطيل.
– تتكلم العربية والتماشيغية والهاوصه والكثير من اللغات.. هذا ما ساعدك؟
– نعم، أتكلم كل هذه اللغات لأنني مواطن غرب إفريقي.
– تؤدي الصلاة مع المختطفين على هامش التفاوض معهم…
– نعم، أنا مسلم، أصلي في كل وقت.. حاول البعض استخدام صورنا أُثناء الصلاة لإلصاق بعض التهم بي.. لكنها مسألة عادية أن تصلي وأنت مسلم.
– للمساعدة في إطلاق سراح زعيم المعارضة المالية سميلا سيسي والإيطاليين والفرنسية، كشفت صحيفة جون آفريك، قبل أيام، أنكم منحتم خدماتكم للرئيس إبراهيم ببكر كيتا منذ مارس.. ما هي الخطة التي اعتمدتم للدخول في اتصالات مع المختطفين وجعلهم يقبلون المفاوضات؟
– عكسا لما كتب، لم أمنح أبدا خدماتي للرئيس كيتا. لقد اتصل بي شخص يريد المساعدة في إطلاق سراح الرهائن ونصحته بالاتصال بأسماء قادرة على لعب دور حاسم في إطلاق سراح الرهائن. لكنني لم ألعب أي دور.
– تؤكد صحيفة جون أفريك أنك اقترحت على الرئيس والوزير الأول المالييْن أن يمرا عن طريق عربي من حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا يدعى الشريف ولد مداوه، وأنه كان فعالا في العملية؟
– لا يمكن أن أقدم شروحا مفصلة، لكنني مرتاح بأن المفاوضات أفضت إلى نتيجة، مع أنني شخصيا لم ألعب أي دور.
– هلا أكدت لي ورود إسم واحد من الذين اقترحتهم للمفاوضات وهو الطوارقي زيدان آغ إيتا؟
– لا، لا أؤكد.. لم أقترح هذا الاسم.
– كم عدد السجناء الذين أطلق سراحهم مقابل الرهائن؟
– لا أعرف.
– يقولون بأن العدد وصل 200 إطار من الجهاديين؟
– لا أعرف، وإنما تابعت مثل الجميع ما ذكرته الصحافة.
– من ضمن الـ 200 جهادي يتم الحديث عن مهندسي هجوم لومباسا وواكادوغو سنة 2016 ميمي ولد بابه ولد الشيخ وفواز ولد احميده، هل تؤكدون؟
– لا يمكن أن أؤكد أو أن أنفي.
– هل تم بالفعل إطلاق سراح الذين كانوا وراء الهجومين المذكورين؟
– لا أعرف. لم أر اللائحة. السلطات المالية هي وحدها القادرة على الكشف عن المسجلين في اللائحة.
– لكن، هل ترى أن الدول تقدم الكثير جدا مقابل إطلاق سراح الرهائن؟
– صحيح، لكن الأمر يتعلق بسيادة الدول ولا يمكنني الخوض في ذلك، فالدول تراعي الظروف الإنسانية للرهائن. ووحدها الدول تعرف لماذا قبلت الشروط. وأنا لا أريد الخوض في مسائل تتعلق بالسيادة.
– هل بمفاوضاتك مع المختطفين أصبحت صديقا لبعض الجهاديين؟
– لم أكن أبدا صديقا لأي جهادي.
– لقد عرفت جيدا أبو زيد؟
– لم أعرفه جيدا، لكنني التقيته في إطار المفاوضات.
– ما هي ذكرياتك عنه؟
– أتذكر أنه رجل قاس وصعب جدا خلال المفاوضات.
– عرفت أيضا إياد أغ غالي الذي ما يزال حيا. ما هو انطباعك عنه؟
– ليس لدي أي انطباع خاص عنه.
– هل يمكن التفاوض معه؟
– لا أعرف.
– هل تفاجأت بموت عبد الملك دركدال في يونيو الماضي، شمال مالي، عقب هجوم فرنسي أمريكي؟
– أنا لا أتفاجأ بموت هؤلاء المسؤولين عن المجموعات المسلحة، لأنهم قد اختاروا الموت، وهذا قدَرهم وهو، للأسف، خيارهم. إذن لا يشكل الأمر مفاجأة. لقد اختاروا التضحية بأنفسهم. الذي يفاجئنا هو أن يعيشوا أكثر.
– بعد إطلاق سراح 200 جهادي، هل أصبح الجهاديون أقوى في وجه جيوش الساحل وبرخان؟
– بالرغم من ووجود القوات الفرنسية وقوى الأمم المتحدة منذ 2013 احتلت المجموعات المسلحة مساحات جديدة. ورغم الوسائل أصبحت هذه الجماعات على حدود التوغو والبنين.
– هل تؤيد بقاء قوة برخان في الساحل أم تؤيد سحبها؟
– ليس من مسؤوليتي أن أعلق على بقاء أو سحب برخان من منطقة الساحل. على الدول أن تقرر فهي تمتلك الحق في الدفاع عن نفسها وتمتلك الحق في أن تدعو قوات يمكنها أن تساعدها في صد التهديديات.