اختتم المجلس الوطني لحزب الإنصاف الحاكم دورته الحادية عشرة في العاصمة نواكشوط، في محطة سياسية وتنظيمية بالغة الدلالة، تؤكد مرة أخرى أن الحزب يسير بخطى واثقة نحو ترسيخ المؤسسية وتجديد هياكله بما ينسجم مع متطلبات المرحلة الوطنية المقبلة.
لقد جاءت هذه الدورة، التي امتدت عدة أيام، لتكرّس تقاليد العمل الحزبي الديمقراطي القائم على التداول، والاختيار الداخلي، وتحمل المسؤولية الجماعية.
ويشكل انتخاب السيد محمد أتراوري أمينا عاما للحزب خطوة نوعية تعكس حرص الحزب على الدفع بكفاءات تنظيمية قادرة على إدارة المرحلة المقبلة، وتعزيز الأداء الحزبي ميدانيا وسياسيًا، فالأمانة العامة تظل حجر الزاوية في تنسيق العمل الداخلي، وضمان الانسجام بين الهياكل، وتحويل الرؤى السياسية إلى برامج عملية.
أما انتخاب المكتب السياسي، بتشكيلته الواسعة التي تضم 63 عضوا، فيمثل رسالة واضحة مفادها أن حزب الإنصاف يراهن على التعدد داخل الوحدة، وعلى إشراك مختلف الطاقات والخبرات في صناعة القرار، بما يعزز من قدرته على مواكبة القضايا الوطنية الكبرى والاستجابة لتطلعات قواعده الشعبية.
ويكتسي وجود أعضاء سامين، وفي مقدمتهم رئيس الحزب ونوابه والوزير الأول، بعدا سياسيا مهما، إذ يكرس التكامل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي، ويؤسس لتنسيق فعّال بين الرؤية السياسية والتنفيذ العملي للبرامج، في إطار احترام استقلالية المؤسسات وتكامل أدوارها.
ويأتي انتخاب الوزير الأول السابق محمد بلال مسعود رئيسا للحزب ليضفي على هذه المرحلة بعدا توافقيا وأخلاقيا مميزا، فالرجل شخصية وفاق وطني، ذات رصيد أخلاقي وتاريخ مهني حافل بالإنجازات، ما يجعله مؤهلا لقيادة الحزب في مرحلة تتطلب الحكمة، وسعة الصدر، والقدرة على إدارة التوازنات.
ويعكس هذا الاختيار وعيا عميقا من الحزب بأهمية القيادة الهادئة القادرة على جمع الصف وتغليب المصلحة الوطنية.
وتكتسب هذه الاستحقاقات الحزبية أهمية مضاعفة كونها تأتي في سياق التحضير للحوار الوطني الشامل المرتقب، والذي يُعوَّل عليه في إرساء قواعد توافقية تمهّد لتنظيم انتخابات عامة سيكون لنتائجها أثر بالغ على مستقبل الخارطة السياسية في البلاد.
وفي هذا الإطار، يبدو حزب الإنصاف حريصا على دخول هذه المرحلة وهو متماسك تنظيميا، واضح الرؤية، ومؤهل للعب دور محوري في إنجاح مسار الحوار وتعزيز الاستقرار السياسي.
إن مخرجات الدورة الحادية عشرة للمجلس الوطني لحزب الإنصاف لا يمكن قراءتها بوصفها مجرد استحقاق تنظيمي داخلي، بل هي تعبير عن نضج سياسي، واستعداد مسؤول للتفاعل مع الاستحقاقات الوطنية الكبرى، بما يخدم مصلحة البلاد ويعزز مسار الديمقراطية والتوافق.

الهضاب إنفو موقع إخباري مستقل