الاعتذار بقلمي/ مصطفى عبدالله

 

في لحظات العمر التي تتناثر فيها الأحداث كالنجوم في سماء الذكريات، يتسلل إلى القلب شعور ثقيل، يشعرنا بأننا تاهنا في دروب الألم والعتاب.

إن الاعتذار ليس مجرد كلمات تقال، بل هو لغة القلب التي تحاول أن تجد طريقها وسط متاهات الكبرياء والخيبة.

هو المنفذ الوحيد الذي يعيد للأرواح توازنها بعد أن كسرها الألم، وأعادها للأمل من جديد.

الاعتذار هو أن تضع جراحك جانبا وتحيي جراح الآخر، أن تستمع لصمت القلوب وتقرأ ما وراء الكلمات.

الاعتذار دربا للغفران، ومفتاحا لبوابة جديدة من العطاء والسلام.

قد يكون الاعتذار أصعب من كل شيء آخر، لأنه يتطلب منا أن نواجه أنفسنا أولا، أن نحلق عاليا فوق غرورنا ونتجاوز حواجز الكبرياء، لكنه في الوقت ذاته، هو أروع ما يمكن أن نقدمه لمن اساءنا إليه.

فهو لمسة تزيل عن النفس الأعباء الثقيلة، وتعيد للنفس البشرية صفاءها.

إنه الإعتراف بالخطأ، والشجاعة لمواجهة تبعاته، والمثابرة من أجل تصحيح المسار.

فإذا شعرت يوما بأن قلبك ثقيل، وأن اللسان عجز عن التحدث، تذكر أن الاعتذار هو جسر يربط بين ضفاف المسافات البعيدة.

هو الغفران الذي يسكن الروح، والتواضع الذي يرفع الشخص إلى السماء.

وكم من نفس جرحه الزمان، فتعافت بمجرد أن لامست تلك الكلمة التي تهدي من روعه، وتعيد له الحياة من جديد.

لذلك في كل مرة تقف أمام مرآة روحك، تذكر أن الاعتذار ليس فقط لأجل الآخر، بل هو في المقام الأول لأجلك أنت.

هو السبيل نحو الراحة الداخلية، ونحو تلك الطمأنينة التي تحل في القلب .

الاعتذار ليس فقط كلمات، بل هو لحن صادق في قلب الإنسان، لحن موسيقي يتناغم مع مشاعرنا ليعيدنا إلى أنفسنا، ويعلمنا كيف نقدر ونحترم بصدق.

 

شاهد أيضاً

الفروق الجوهرية بين المتغير الكامن والمتغير المقاس في البحث التربوي والنفسي/فتحى البلدي/

في البحوث النفسية والتربوية، لا يقتصر الباحث على ملاحظة الظواهر كما تبدو، بل يسعى إلى …