دور فرنسا في توجيه حركة “أفلام”: اتهامات سياسية ومراحل صراع إقليمي

يورد عدد من الباحثين والسياسيين أنّ حركة أفلام لم تكن طيلة تاريخها حركة معزولة تماماً عن التأثيرات الخارجية، بل كانت ـ بحسب الاتهامات المتداولة ـ أداة ضمن شبكة النفوذ الفرنسي التقليدي في المنطقة، خاصة في مرحلة ما بعد استقلال موريتانيا حين كانت باريس تسعى إلى الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي في الساحل وغرب إفريقيا.

1. الاتهامات الموجّهة لفرنسا: دعم غير مباشر وتأثير فكري وسياسي

يرى هؤلاء المنتقدون أن فرنسا، التي رأت في موريتانيا بلداً مائلاً خارج الفضاء الفرنكفوني بسبب انتمائه الثقافي العربي، وجدت في حركة أفلام وسيلة للضغط على الأنظمة الموريتانية المتعاقبة.
ويقول هذا التيار من التحليل إن الحركة استفادت من:

أجواء اللجوء في السنغال والدول الفرنكفونية.

شبكات منظمات أوروبية كانت تنتقد الأنظمة العربية ـ الإفريقية.

تحالفات فكرية مع تيارات يسارية وفرنكفونية داخل الساحل.

ولا توجد وثائق رسمية تثبت ذلك، لكنه يبقى جزءاً من الجدل السياسي الذي يحيط بتاريخ الحركة.

2. موريتانيا تلجأ إلى إسرائيل… وتغيّر قواعد اللعبة

يُجمع عدد من السياسيين الموريتانيين على أن التحولات الكبرى في علاقة موريتانيا بفرنسا حدثت خلال فترة إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل نهاية التسعينيات ومطلع الألفية.
ويؤكد بعضهم أن النظام الموريتاني في تلك المرحلة:

استخدم ورقة إسرائيل لخلق توازن جديد في مواجهة الضغط الفرنسي،

ولبناء علاقة دولية تمكّنه من تجاوز نفوذ اللوبيات التقليدية التي كانت تؤثر على القرار في نواكشوط عبر شبكات سياسية وحقوقية في باريس والسنغال.

وتقول هذه التحليلات إن هذا التحوّل قلّص قدرة فرنسا على استخدام ورقة “أفلام” كورقة ضغط، وهو ما انعكس ـ وفق هذا الطرح ـ على تراجع نشاط الحركة ورموزها بشكل شبه كامل.

3. اختفاء الحركة من المشهد… حتى نهاية العلاقات مع إسرائيل

بعد أن دخلت موريتانيا في علاقات رسمية مع إسرائيل، يشير مراقبون إلى أن أفلام اختفت تقريباً من المشهد السياسي، وضعف خطابها بشكل ملحوظ، وتراجع نفوذها داخل الجاليات الموريتانية في السنغال وأوروبا.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن الحركة ظلت “في حالة سبات” سياسياً وإعلامياً إلى أن قطعت موريتانيا علاقتها بإسرائيل سنة 2010، لتعود بعدها أصوات وخطابات مرتبطة بها أو متأثرة بأدبياتها القديمة.

ومع ذلك، يبقى هذا الربط محل نقاش كبير داخل الأوساط التاريخية والسياسية، لأن غياب الوثائق وشفافية الأرشيف يجعل جزءاً كبيراً من هذه الرواية في دائرة التحليل السياسي لا في دائرة الحقائق المؤكدة.

4. فرنسا بين الواقع والاتهامات: نفوذ تاريخي يصعب فصله عن الصراعات المحلية

لا يمكن إنكار أن فرنسا كانت وما تزال قوة مؤثرة في المنطقة، وأن علاقاتها مع دول الساحل ـ بما فيها موريتانيا ـ كانت دائماً مزيجاً من الاقتصاد والسياسة والأمن واللغة والثقافة.
لكن ما إذا كانت حركة أفلام بالفعل جزءاً من أدوات النفوذ الفرنسي، أو مجرد حركة استثمرت المناخ الفرنكفوني دون توجيه مباشر، يبقى سؤالاً مفتوحاً لم يُحسم تاريخياً.

شاهد أيضاً

إيرا تدين ما تعرضت له مسيرة يوم الجمعة الماضي /السالم بلال/

أعربت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية “إيرا” عن إدانتها لما وصفته بالقمع الذي تعرضت له مسيرة …