مقدمة
في زمن تُسيطر فيه الديمقراطية على العالم (أو هكذا يُقال)، يعود جون دان — عالم سياسة في كامبريدج — إلى جذورها ليُسأل:
“لماذا نُحب الديمقراطية رغم فشلها المتكرر؟”
الكتاب ليس تاريخًا جافًا، بل قصة مثيرة عن كيف وُلدت الديمقراطية كـ”علاج محلي” أثيني قبل 2500 عام، اختفت قرونًا، ثم عادت عبر الثورات الفرنسية/الأمريكية، وانتصرت بعد 1945. دان يُبرز التناقض: فكرة “حكم الشعب” تحولت إلى نظام نخبوي، لكنه لا يزال يُلهم الولاء.
الكتاب هو “سيرة الديمقراطية” — يُفكك أسطورة كونها “النظام الأفضل”، ويحذر من تراجعها في عصر الرأسمالية والشعبوية.
.
.
تمهيد
العنوان “” (تحرير الشعوب) يُلخص الوعد:
الديمقراطية وعد بالحرية — لكنها غالبًا ما تُخيب.
دان يبدأ بسؤال:
“هل الديمقراطية حقًا حكم الشعب، أم مجرد واجهة للسيطرة؟”
يُقسم الكتاب إلى 4 فصول رئيسية + خاتمة، يتتبعون تطور الفكرة من أثينا إلى اليوم، مع التركيز على الاستمرارية والتحولات.
.
.
الفكرة المركزية
الديمقراطية ليست نظامًا مثاليًا — بل فكرة هشة وُلدت من أزمات محلية، نجت بصعوبة، وانتصرت بعد الحرب العالمية الثانية. دان يُقلب السردية:
أثينا: مشاركة مباشرة، لكن حصرية وغير مستقرة.
الثورات: إحياء الفكرة، لكن مع “ظلال ثيرميدور” (الانقلابات النخبوية).
اليوم: انتصار شكلي، لكن مهدد بالرأسمالية، الإعلام، والتراجع الشعبي.
السؤال المركزي:
“هل تستحق الديمقراطية ثقتنا، أم هي مجرد أسطورة؟”
.
.
المحاور الرئيسية
.
الفصل 1: الديمقراطية الأولى (أثينا)
يتتبع دان نشأة الديمقراطية في أثينا كحل محلي لأزمات سياسية (قرن 5 ق.م)، حيث كانت مشاركة مباشرة للذكور الأحرار في الجمعية الشعبية. يُبرز حصريتها (تستبعد النساء، العبيد، الغرباء)، لكنها أرست فكرة سيادة الشعب كبديل للاستبداد. يناقش كيف نجت الفكرة عبر أرسطو وبيريكليس، رغم انهيار أثينا، وانتقلت إلى روما ثم اختفت قرونًا.
.
الفصل 2: الديمقراطية الثانية (الثورات)
مع تعقيد الدول، تحولت الديمقراطية المباشرة إلى تمثيلية عبر الانتخابات، مدفوعة بالثورات الأمريكية (1776) والفرنسية (1789). دان يُفصل كيف استخدمت فكرة “حكم الشعب” لتبرير الاستقلال عن الملوك، لكنها سرعان ما أصبحت نظامًا يعتمد على ممثلين (ماديسون في أمريكا، سييس في فرنسا). يُبرز الفرق بين الديمقراطية الشعبية الكاملة (غير مرغوبة للفوضى) والتمثيلية (أكثر أمانًا لكن أقل مشاركة).
.
الفصل 3: ظلال ثيرميدور (التحديات الحديثة)
“ثيرميدور” إشارة إلى الانقلاب الفرنسي الذي أنهى الثورة، يُستخدم لوصف كيف أدت الثورات إلى نظم نخبوية بدلًا من حكم شعبي حقيقي. دان ينتقد ربط الديمقراطية بالرأسمالية الليبرالية، حيث أصبحت واجهة لمصالح السوق (المال يُسيطر على الانتخابات، النخب الاقتصادية تُملي السياسات). يتناول تحديات مثل تراجع الثقة بالمؤسسات، ضعف المشاركة (انخفاض التصويت)، استغلال الإعلام، وتأثير الدعاية، محذرًا من أن الديمقراطية قد تُصبح مفرغة إذا لم تُجدد.
.
الفصل 4: لماذا الديمقراطية؟
في الفصل الأخير، يُسأل دان: لماذا نُفضّلها رغم عيوبها؟ يُقارن بين الاستمرارية (مع أثينا: سيادة الشعب) والاختلافات (التمثيلية الحديثة أكثر استقرارًا). يُثني على عدالتها الأخلاقية (أفضل أساس لقبول الحكم)، لكنه يحذر من الوهم: الديمقراطية ليست “النظام الأفضل” تلقائيًا، بل تحتاج ولاءً مستمرًا وإصلاحات لمواجهة الشعبوية والعولمة.
الخاتمة: يُختتم بدعوة لـالتفكير النقدي، مؤكدًا أن الديمقراطية نجت بسبب جاذبيتها الأخلاقية، لكنها مهددة اليوم أكثر من أي وقت.
.
.
الاستقبال النقدي
أُشِيد بالكتاب كـ”ريح جديدة في دراسات الديمقراطية” (Independent)، و”كتاب أرستقراطي في عصر ديمقراطي” (Financial Times). يُعتبر مرجعًا أكاديميًا، لكنه يُنتقد لـالتركيز التاريخي الزائد على حساب التحليل الإمبريقي الحديث.
.
.
المغزى الفكري
دان يُعيد تعريف الديمقراطية كـفكرة هشة تحتاج صيانة مستمرة، لا أسطورة. هو دعوة لـالنقد الذاتي: هل نحكم أنفسنا، أم نُحكم بالسوق؟
.
.
نبذة عن المؤلف
جون دان (1940–): أستاذ في نظرية السياسة بجامعة كامبريدج، متخصص في تاريخ الأفكار السياسية. مؤلف “الديمقراطية: التاريخ النقدي”، معروف بنقده المتوازن للأيديولوجيات.
.
.
خلاصة نهائية
الكتاب هو سيرة مثيرة للديمقراطية — من أثينا إلى اليوم، تُظهر كيف تحولت من حلم تحريري إلى نظام نخبوي مهدد. دان لا يُحبّر الديمقراطية، بل يُحذّر:
“هي ليست نهاية التاريخ — بل تحدٍّ يومي.”
مرجع أساسي لفهم لماذا “حكم الشعب” أصبح سؤالًا مفتوحًا.
الهضاب إنفو موقع إخباري مستقل