حين يتكلم الرئيس… تصمت النتائج يرفع شان المدرس…والوزيرة تسقط راتبه بقلم: الشيخ ماء العينين أكليب – موقع الهضاب

 

كلما تحدث الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن “قرارات حاسمة” أو “إصلاحات جذرية”، تحولت خطبه إلى ما يشبه القصائد الغامضة: جميلة في اللفظ، عسيرة في المعنى، وأبعد ما تكون عن الواقع. فالكلمات رنانة، أما الأفعال… فصعبة النطق.
وآخر تلك الخطب لم يكن استثناءً، حين أعلن الرئيس عن منع عمال الدولة من حضور المهرجانات السياسية، وكأن أزمة موريتانيا في تصفيق موظف، لا في ضياع كرامة المربي، ولا في فشل الإدارة، ولا في انهيار التعليم.

لقد سمعنا وعود الرئيس المتكررة برفع مكانة الأستاذ وإصلاح المنظومة التربوية، لكن الأعياد الوطنية توالت، والسنوات مرت، ولم يأتِ الإصلاح إلا على الورق وفي الخطب الرسمية.
أما على أرض الواقع، فما زال الأستاذ الموريتاني يختنق بطباشيره، ويُدفن حيًّا تحت رماد الإهمال.
كيف نرفع من شأن التعليم ونحن نبقي من يُعلّم أبناءنا تحت خط الكرامة؟
كيف نتحدث عن الإصلاح في ظل وزارة حولت المعلم إلى متهم، والمربي إلى رقم في لائحة العقوبات؟

لقد عيّن الرئيس وزيرة لم يكن همها الأول الإصلاح، بل الاستعراض. وزيرة جاءت عبر علاقات اجتماعية لا عبر كفاءة مهنية، فكان أول قراراتها رفض أي زيادة في رواتب الأساتذة، وهي التي تتقاضى أكثر من مليون أوقية، أي ما يعادل رواتب خمسة أساتذة، ناهيك عن العلاوات والمزايا.
رفضت الزيادة وكأنها تنتقم من قطاع لم تفهمه يومًا. فهل هي عقدة من خريجي التعليم الخاص؟ أم رغبة في تقويض المدرسة العمومية ورفع شعارات مضللة؟
لقد واجهت أستاذًا تجاوز الستين من عمره، أنهكه الطبشور أكثر مما أنهكه الزمن، وقالت له ببرود: “لن تكون هناك زيادة”.
فأي قلب هذا لا يعرف معنى التعب ولا يقدّر رسالة التعليم؟

بل تجاوزت الوزيرة حدود المسؤولية إلى حدود الإهانة.
أطلقت حملات تشويه ضد الأساتذة، ونُشرت صورهم على الأسرة في المستشفيات، يعانون من أمراض صدرية بعد ثلاثين عامًا من خدمة التعليم، دون أن يجدوا حتى علاوة 15 ألف أوقية أو 40 ألفًا لعلاجهم.
بل فُصل بعضهم، وعلّق آخرون، وأُهينت كرامتهم أمام تلاميذهم، وأمام عقود من التضحية والصبر.
لتقف أمامهم شابة حديثة عهد بالإدارة، تجهل من التعليم روحه وجوهره، لكنها تملك السلطة لتشوه وتفصل وتُغطي على فشلها بعقود مشبوهة وصفقات غامضة.
وكل هذا في بلدٍ يرفع شعار “تعهداتي”.

إن قرارات الرئيس في ملف التعليم تبدو وكأنها تخرج من نص جامد أو ورق متردد، لا من رؤية إصلاحية حقيقية.
فبدل أن تُرفع مكانة الأستاذ، رُفعت القيود عن اللامسؤولية، وأُطلقت يد الوزيرة لتعين من تشاء من أهلها، وتُقصي من شاءت من الكفاءات، وكأن الوزارة ساحة نفوذ لا بيت عدل وعلم.

أيها الرئيس،
قبل أن تمنع الموظفين من حضور المهرجانات، امنع الوزارات من إذلال الكفاءات.
قبل أن تتحدث عن الانضباط الإداري، تحدث عن العدالة التربوية.
فالأستاذ ليس موظفًا عاديًا، بل هو من يصنع كل الموظفين، بمن فيهم من يكتبون خطاباتكم.

إن الإصلاح الحقيقي لا يكون بالمنع، بل بالمنح:
منح الكرامة، منح الاحترام، ومنح الرواتب التي تليق بمهنة بحجم رسالة الأنبياء..

شاهد أيضاً

فرنسا تنصح رعاياها بمغادرة مالي

نشرت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة، بيانًا نصحت فيه رعاياها بمغادرة مالي “في أقرب وقت ممكن” …