الجهود الموريتانية لمكافحة الهجرة( احمد ولد المصطفى)

.

مواضيع أخرى

الداخلة (الصحراء) : وفاة 70 مهاجرا انطلقوا من موريتانيا

جزر الكناري: وصول 325 مهاجرا إفريقيا قادمين من موريتانيا

هل تلعب موريتانيا دورا في تقريب وجهات النظر العربية

تُعتبر موريتانيا دولة محورية في منطقة الساحل والصحراء، فهي تنعم بالاستقرار وتحقق نموا مضطردا وتتوفر على واجهة أطلسية على أوروبا مما يجعلها وجهة عبور للمهاجرين غير النظاميين القادمين من دول افريقيا جنوب الصحراء ؛ الساعين للوصول إلى الشواطئ الأروبية، وللتصدي لهذه الظاهرة، تبذل الحكومة الموريتانية جهودًا علي اكثر من صعيد تشمل تعزيز الرقابة الأمنية على الحدود وتنظيم المعابر الحدودية وتحديث التشريعات المتعلقة بالهجرة وتفكيك شبكات تهريب البشر وتسعي لتعزيز علاقات التعاون على المستويات الثنائية، الإقليمية والدولية.

وقبل الاسترسال في تفاصيل الجهود الموريتانية لمكافحة الهجرة غير النظامية، وإزالة لأي لبس يجدر التنبيه إلى ضرورة الفصل بين المقيمين – واللاجئين – والمهاجرين غير النظاميين، فالمقيمون الأجانب يتواجدون بطرق شرعية ويحصلون على شهادات إقامة ابيومترية ميسرة تقنن تواجهدهم بصورة نظامية، حالهم حال جالياتنا في الخارج، في حين يتواجد اللاجئون في حيز جغرافي محدد وتؤطر تواجدهم المؤقت المنظمات الدولية ذات الاختصاص.

أما المهاجرون غير النظاميون فهم مجموعات تتفلت من بلدانها الاصلية بصورة فوضوية وتحاول عبور الأراضي الموريتانية موسميا بطرق غير نظامية نحو وجهات أخرى قد لا تكون راغبة في استقبالهم في معظم الأحيان.

ومن أشنع أنواع التضليل ما تقوم به بعض الأوساط عبر وسائط التواصل الاجتماعي من خلط غير مؤسس بين المقيمين الشرعيين والمهاجرين غير النظاميين بغرض التشويش والتهويل والتضليل وخلط الاوراق.

✅ – مواجهة الهجرة غير النظامية .. الواقع والمزايدات

في إطار التعاون مع الشركاء الدوليين، وقّعت موريتانيا عدة تفاهمات تهدف إلى تعزيز قدراتها في مكافحة الهجرة غير النظامية. ففي مارس 2024، أطلقت نواكشوط بالشراكة مع إسبانيا برنامجًا للهجرة القانونية استهدف توفير فرص عمل شرعية لبعض الموريتانيين الباحثين عن عمل ، وذلك في إطار جهود الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية. كما وقّعت موريتانيا والاتحاد الأوروبي إعلانًا مشتركًا للتعاون في مجال محاربة الهجرة غير النظامية، تضمن دعم شبكات المغتربين الموريتانيين في أوروبا ودمجهم في بلدان إقامتهم، مع تسهيل تحويلاتهم المالية لصالح التنمية المستدامة في موريتانيا.

✅تفنيد المزاعم حول ما سمي زورا اتفاقية استقبال المهاجرين المُرحّلين

لم توقع موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي في 7 مارس 2024 اتفاقية أو معاهدة كما يروج له بعض المرجفين بل وقعت إعلانًا مشتركًا هدفه تعزيز التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية. يضمن هذا الإعلان عدة فوائد لموريتانيا، منها:

الدعم المالي والتنموي وتعزيز القدرات الأمنية وتعزيز التعاون الدولي وتشجيع الهجرة الدائرية مما يتيح للموريتانيين فرص العمل المؤقت في دول الاتحاد الأوروبي خصوصا إسبانيا ويقلل من دوافع الهجرة غير النظامية.

على الرغم من هذه الفوائد، أثار جهل محتوي الإعلان – رغم نشره كاملا – غير منقوص مخاوف بعض الأطراف في موريتانيا التي توهمت ان له تأثيرات محتملة على التركيبة السكانية مع ارتدادات اقتصادية محتملة.. ورغم انه لم يكن هنالك أي مبرر لتلك المخاوف، أكدت الحكومة الموريتانية أكثر من مرة أن الإعلان يراعي مصالح البلاد ولا يهدد مستقبلها.

كما نفت الحكومة الشائعات المتعلقة بتوطين المهاجرين في موريتانيا مشددة على أن الإعلان يهدف فقط إلى تعزيز التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية، دون المساس بالسيادة الوطنية أو قبول توطين المهاجرين المُرحّلين – حتى ولو بصورة مؤقتة.

ممثلية الاتحاد الأوروبي في نواكشوط أوضحت من جانبها أن الاعلان الموقع ليس اتفاقية ملزمة، بل مجرد بيان سياسي عام يهدف إلى دعم موريتانيا في مواجهة التحديات الإقليمية. وأكدت الممثلية أن الاتحاد الأوروبي لا يسعى إلى توطين المهاجرين في موريتانيا أو إقامة مناطق استقبال للاجئين على أراضيها.

– الهجرة غير النظامية .. تدبير الموجود والعمل لتحقيق الموعود

تتعزز جهود موريتانيا في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية وتتطور آليات التعاطي معها وفق مقاربات تنموية وإدارية وأمنية متكاملة. فعلى الصعيد الداخلي طورت موريتانيا خلال السنوات الاخيرة حكامة مؤمنة لوثائق مواطنيها المدنية ولسجلاتها الإدارية ونفذت استراتيجيات لضبط منافذ الدخول وتأمين الحدود وتسخر لذلك الخبرات البشرية المؤهلة والمتطلبات التقنية المحققة للأهداف المرسومة.

أما على المستوى الاجرائي فقد بادرت الحكومة الموريتانية إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات لمكافحة ظاهرة الهجرة غير النظامية شملت هذه الإجراءات:

1- مواصلة تشديد الرقابة على الحدود: حيث تعمل الحكومة الموريتانية علي مراجعة نقاط العبور الحدودية وتجهيزها بتطبيقات معلوماتية لضبط الدخول والخروج، بهدف الحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين، خاصة عبر الحدود مع السنغال ومالي.

2- يجري العمل علي إعداد مدونة شاملة لقوانين الهجرة، تهدف إلى تنظيم دخول وإقامة الأجانب، وتحديد مساطر التعاطي الوقائي والعلاجي مع كل حيثيات الهجرة .

3- العمل علي بناء حزام أمني إلكتروني حول العاصمة نواكشوط، يهدف إلى تعزيز الأمن ومراقبة التحركات غير القانونية، كجزء من جهود مكافحة الهجرة غير النظامية.

4- مراجعة سياسات التأشيرات: حيث يجري العمل على تعديل بعض الإجراءات الخاصة بمنح التأشيرات لتسهيلها وضبطها، بهدف تنظيم دخول الأجانب بطرق قانونية .

تُظهر هذه الإجراءات التزام موريتانيا بمواجهة تحديات الهجرة غير النظامية من خلال تعزيز الرقابة الحدودية – تطوير الأطر القانونية – تكثيف التعاون الدولي وتفعيل دور المجتمع الاهلي وكل الفاعلين الوطنيين كل من موقعه في جهود ما تمثله مواجهة الهجرة غير النظامية من تحديات.

أ. مصطفى

شاهد أيضاً

اتفاقيات جديدة ببن موريتانيا والصين

أشرف معالي وزير الصحة، السيد عبد الله سيدي محمد وديه، رفقة سفير جمهورية الصين الشعبية …