تعقد رئاسة البرلمان السنغالي اجتماعا بأعضاء مكتب الجمعية الوطنية صباح اليوم، قبل ساعتين من خطاب مرتقب لرئيس البلاد، وذلك بعد تقدم الحزب الديمقراطي السنغالي المعروف ب”حزب واد” مقترح قانون حول تأجيل الانتخابات الرئاسية “من أجل تسوية المخالفات التي ارتكبها المجلس الدستوري”.
ومن المقرر أن يوجه الرئيس السنغالي ماكي صال خطابا إلى السنغاليين منتصف نهار اليوم السبت، قبل 12 ساعة من موعد الافتتاح الرسمي للحملة الانتخابية لاقتراع الـ25 من فبراير الرئاسي.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن ماكي صال استقبل أمس الجمعة رئيس الوزراء المترشح الرئاسي لخلافته أمادو با، كما استقبل كذلك أعضاء المجلس الدستوري.
ويأتي الخطاب الرئاسي المرتقب، وسط نقاش محتدم حول تأجيل الانتخابات الرئاسية بين مؤيد ومعارض، وذلك على خلفية اتهامات موجهة للمجلس الدستوري ب”الفساد والزبونية” لرفضه ملفات عدد من المترشحين، بينهم القياديان المعارضان، المعتقل عثمان سونكو، والمقيم بالمنفى كريم واد.
لجنة تحقيق برلمانية
في ظل هذا الجدل، وافق البرلمان السنغالي الأربعاء الماضي، على تشكيل لجنة برلمانية مكونة من 9 نواب، للتحقيق في “مزاعم فساد وزبونية في المجلس الدستوري”.
وقد صوت لصالح تشكيل هذه اللجنة عدد من النواب الموالين لنظام الرئيس منتهي الولاية ماكي صال، الذي أعلن في يوليو 2023 عدم ترشحه لولاية ثالثة، حيث انتخب لأول مرة عام 2012 لولاية من 7 سنوات، ثم أعيد انتخابه سنة 2019 لولاية ثانية من 5 سنوات.
وقد أثار دعم نواب موالين للنظام تشكيل لجنة تحقيق برلمانية شكوكا لدى المعارضة، بشأن “وجود خطة لتأجيل الانتخابات الرئاسية لأن من هم في السلطة يخشون خسارتها”.
دعوة للتأجيل 6 أشهر وزاد من هذه المخاوف، الدعوة الصريحة التي صدرت مساء الجمعة عن وزيرة التنمية المحلية تيريز فاي، وهي قيادية في المعسكر الداعم للنظام، حيث طالبت بتأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة 6 أشهر على الأقل.
واعتبرت الوزيرة المقربة من الرئيس صال في حديث لقناة تلفزيونية خاصة، أن العملية الانتخابية التي أسفرت في يناير عن مصادقة المجلس الدستوري على 20 مترشحا قد “أفسدتها المخالفات”.
وكان المجلس الدستوري السنغالي قد رد من قبل على ما اعتبرها اتهامات “خطرة لا أساس لها من الصحة” موجهة ضد أعضائه، بعد نشر القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، داعيا إلى تسليط “كل الضوء” على هذه القضية التي قال إنها “من المرجح أن تزعزع استقرار مؤسسات البلاد”.
وبالمقابل تعارض بعض الأطراف أي تأجيل للانتخابات الرئاسية، كما هو حال رابطة الأئمة والخطباء السنغاليين، التي قالت في بيان لها، إن البلاد “ليست ضحية لأي تهديد جدي لا لمؤسساتها ولا للأمة ولا لسلامة أراضيها، وأي محاولة لتأجيل الانتخابات تحمل في طياتها مخاطر لا لزوم لها”.
توقيف مترشحة للرئاسة
وفي ظل جو الاحتقان السائد قبل الانتخابات السنغالية، تم مساء الجمعة وضع روز ورديني، وهي واحدة من المترشحين الـ20 الذين صدق المجلس الدستوري على ترشحهم، رهن الاحتجاز من قبل قسم التحقيقات الجنائية (الشرطة القضائية) بتهمة “التزوير واستخدام التزوير والاحتيال في الحكم”.
واعتقلت ورديني، التي تعد إحدى المرأتين اللتين تم قبول ترشحهما، وهي طبيبة نسائية وناشطة في بالمجتمع المدني، وذلك في إطار التحقيق في جنسيتها الفرنسية المفترضة.
إدانة سونكو.. وجنسية واد
رفض المجلس الدستوري ملف ترشح القيادي المعارض عثمان سونكو، حيث أبطل ترشحه لعدم اكتمال ملفه كما أعلن ذلك أحد محاميه نقلا عن رئيس المجلس.
وقبل رفض ترشح سونكو، أكدت المحكمة العليا حكم السجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ بحقه بتهمة التشهير، وهو حكم اعتبر قانونيون سنغاليون أنه “يجعله غير مؤهل لخوض الانتخابات الرئاسية”.
وسبق أن تمت إدانة سونكو فاتح يونيو 2023 بتهمة استغلال قاصر وحكم عليه بالسجن عامين، ورفض المثول أمام المحكمة وحكم عليه غيابيا.
لكن المجلس الدستوري بالمقابل، قبل ترشح القيادي في حزب سونكو المنحل “باستيف” بصيرو ديوماي فاي المعتقل أيضا، والذي يعتبر خطة بديلة من الحزب لترشح رئيسه.
وإلى جانب سونكو، لم تتضمن قائمة المترشحين النهائية كذلك اسم كريم واد نجل الرئيس السابق عبد الله واد، حيث اعتبر المجلس الدستوري أنه وقت تقديم ترشحه، كان حاملا لجنسية مزدوجة، في حين يشترط القانون أن يكون المترشحون من جنسية سنغالية حصرا.
وكان كريم واد الذي حكم عليه في وقت سابق بالسجن 6 سنوات بتهمة الإثراء غير المشروع، قد أعلن بعد إيداع ملف ترشحه تخليه عن جنسيته الفرنسية.
ووصف كريم واد قرار رفض ترشحه بأنه “فضيحة وتمالؤ قضائي جديد”، كما اعتبر لاحقا قرار تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، بأنه خطوة مهمة “لتجنب الفوضى، والحفاظ على الديمقراطية في السنغال”، مضيفا أن “الخطوة المقبلة تتمثل في تأجيل الاستحقاقات الانتخابية”.