منذ أيام يتم تداول منشور على وسائل التواصل يطلب كاتبه (لم يسم في المنشور) بتعليمات من معالي الوزير – كما ذكر – من السادة المديرين تقريرا مفصلا عن عدد جولات التفتيش [أو التأطير] التي قيم بها هذه السنة في مدارس التعليم الأساسي مع ذكر المدارس المزورة بالتاريخ والمعلمين الذين شملتهم الزيارات وأقسامهم، وذلك قبل الجمعة 28 إبريل 2023م.
كما تم تداول صورة ل “رسالة عبر شبكة الاتصال الإداري” تحمل رأسية الأمانة العامة للوزارة، مؤرخة ب: 27 إبريل 2023 تبَلِغُ عن مهمة وموعد التفتيش التربوي والإداري السنوي الذي يستهدف مفتشي المقاطعات والقطاعات.
لقد كان كل ذلك وغيره بالنسبة لي ك *مفتش دائرة تربوية* مناسَبة لذكر بعض الأمور المهمة في هذا الشأن، تذكيرا وتنبيها لمعالي الوزير والسيد الأمين العام وطاقم الوزارة، وإنارة للرأي العام، عبر الوسائل نفسها، وهذه الأمور هي:
1)_ يتم تكوين مفتش التعليم الأساسي في المدرسة العليا للتعليم على مهام: التأطير التربوي والإداري، التفتيش التربوي والإداري، هندسة التكوين، تسيير الموارد المالية والموارد البشرية، الإدارة التعليمية، دراسة البيانات الإحصائية وتحليلها… *غير أنه لا يوجد نص قانوني الآن،* يحدد وينظم مهام مفتش الدائرة التربوية وصلاحياته ومسؤولياته، وهو ما يطالب به المفتشون مرارا وتكرارا دون جدوى، فكل يعمل في نطاق الاجتهاد والتقدير الشخصي؛ فلا يوجد من النصوص بهذا الخصوص إلا مقررات من منتصف السبعينات تجاوزها الواقع والنظم الهيكلية للقطاع منذ سنين عديدة ولم تعد تصلح بحال.
2)_ يستلزم عمل مفتش الدائرة التربوية الذي كُوِن عليه زيارات ميدانية للاستطلاع والتفقد والتأطير والتكوين والمتابعة والرقابة والتقويم وهو ما يستلزم وسائل نقل ومتطلباتها، وهو الأمر المفقود، في الغالب الأعم، حيث تمر السنة الدراسية تلو الأخرى دون أن تتوفر لمفتش الدائرة وسيلة نقل؛ وفي كثير من الأحيان يقتصر عمل مفتش الدائرة على تضحياته الخاصة، بقيامه ببعض الزيارات للمدارس التي توصله لها رجلاه أو “تاكسي” ونادرا ما توفر له وسيلة نقل، أو توفر، أحيانا، في نهاية العام لجولة تفتيشية خاطفة
3)_ إلى جانب عدم تحديد المسؤوليات والصلاحيات، وعدم توفر الوسائل *ينضاف انعدام المحفزات المادية والمعنوية* فبانتقاله من الفئة “ب” إلى الفئة “أ” لا تتحسن العلامة القياسية للمعلم الذي صار مفتشا بل تنقص في الغالب، وفي الغالب تنقص علاوة البعد لديه نقصا كبيرا جدا؛ والمفتش هو المؤطر الميداني الذي يُحرَم علاوة الطبشور التي تصرف لمؤطرين آخرين مثله كمديري مؤسسات التعليم الثانوي ومديري المدارس الأساسية الكبيرة المفرغين وغيرهم،
كما أن علاوة المسؤولية التي استحدثت سنة 2006 مع علاوة الطبشور، مقابلة لها، ظلت محنطة لدى مفتشي الدوائر في حدود 15ألف أوقية قديمة منذ نشأتها إلى اليوم، محرومة من أي تحسن أو زيادة بينما زيدت وضوعفت كل العلاوات الأخرى؛
ويحرم المفتشون كذلك، من علاوة التجهيز وعلاوة الازدواجية، فضلا عن علاوة البحث الذي يدخل في صميم عملهم؛ كما حرموا من آخر علاوة مستحدثة، أعلن عنها فخامة رئيس الجمهورية في خطاب الاستقلال الماضي 10آلاف أوقية قديمة سميت “علاوة التأطير التربوي” الذي هم أهله الأُول؛
ثم إن مفتش الدائرة التربوية هو الموظف الوحيد الذي لا يتلقى تعويضا يوميا عن القيام بمهامه أثناء مأموريات السفر، ظلما -إن وجدت- بالرغم من صدور المرسوم 141 / 2021
كل ذلك وغيره من الأمور المادية ينضاف إلى الجانب المعنوي، حيث لا اعتبار لما يحرره مفتش الدائرة من تقارير التفتيش التربوي ولا لما يُبلِغ به أو يأخذ من إجراءات -أحيانا- وحيث يتم تجاوزه وعدم استشارته في أي قرار إداري يخص دائرة نشاطه كتحويل أو تعيين مدير أو تبادل أو بناء أو ترميم… كما يتم إقصاؤه تماما من أي دور يتعلق بالنظام المعلوماتي لتسيير التعليم؛ ومن الغريب المحير توقف مسابقات تكملة مفتشي التعليم الأساسي المساعدين منذ سنة 2010 وحرمانهم من فرص التكملة والترقية التي استفادت منها كل فئات موظفي القطاع الأخرى على مدى السنتين المتتاليتين، الماضية والحالية (المعلمين المساعدين، الأساتذة المساعدين، المكلفين بالتدريس، مقدمي خدمات التعليم)… إلخ•
∆ *وفي الختام وفي ظل الظروف والواقع المذكور أعلاه، يحق للمرء أن يتساءل:*
*كيف لكم، يا معالي الوزير، أن تبحثوا عن عدد زيارات التفتيش أو التأطير؟!!!*
*وكيف لكم، يا سيدي الأمين العام، أن تتحدثوا عن تفتيش مفتشي القطاعات أو الدوائر التربوية؟!!! وأي قطاعات أودوائر؟!!!*
*_هل أصدرتم النصوص التنظيمية اللازمة لتحديد الدوائر أو القطاعات التربوية وبيان مسؤوليات مفتشيها التي سيفتشون عنها؟*
*_ هل وفر قطاعكم الوسائل اللازمة للقيام بالزيارات التي تبحثون عن عددها وتطلبون التقارير عنها؟*
*_ هل حفز قطاعكم مفتشي الدوائر للقيام بالأنشطة المطلوبة في ظروف ملائمة على الوجه الأمثل؟!*
*بل، وأكثر من ذلك، كيف لكم أن تواصلوا حمل عنوان ويافطة “إصلاح التعليم” وقد تركتم هذا التعليم كما صيره الذين سبقوكم، سائبا، مهمَلا.. لا رقابة، لا متابعة، لا محاسبة، لا تأطير ولا تكوين ميدانيا، ولا تقويم…؟!!!*
إنني لأرجو لكم التوفيق في تدارك ما تبقى والنهوض بالقطاع والتغلب على كل جوانب النقص والقصور فيه، وسد كل ما به من ثغرات.
ولا يتصور إصلاح للتعليم ولا فاعلية للمنظومة التربوية دون تفعيل أدوار الرقابة والمتابعة والتأطير والتقويم؛ ويمر ذلك حتما بالمفتش الميداني ووسائل وظروف عمله.
أحمد عبد القادر محمد
مفتش دائرة بكيفه