١. صحوة الشاشة قبل صحوتك

تستيقظ، فيسبقك هاتفك إلى الوعي. شاشة تتقد قبل عينيك، وخلاصة يومية جاهزة: أخبار مصفّاة، غضب معبّأ، ضحكات سريعة، اقتراحات لما تحب وما تكره. لا شيء عفويا في هذا السيل. خلفه خوارزميات صامتة ترسم لك مزاج اليوم قبل أن تلتفت إلى مزاجك أنت.

٢. رأسمالية الانتباه الخفيةليست الحكاية مجرد تقنية ذكية، بل اقتصاد كامل يقوم على قياس نظراتك وثواني بقائك. كل نقرة تتحول إلى معطى، وكل تردد يصبح إشارة. خوارزميات التوصية لا تسألك ماذا تريد فحسب، بل تتعلم كيف تدفعك إلى ما تريد هي. أن تبقى أطول. أن تنجذب أكثر. أن تشظى انتباهاتك على أكبر قدر من الشاشات.

٣. صحتك النفسية داخل شاشة مضيئة

مع الوقت تتحول الخلاصة الرقمية إلى مناخ نفسي. صور مثالية تنهش صورة جسدك. غرف صدى تعيد إليك الرأي نفسه حتى يبدو حقيقة نهائية. مقاطع غضب تجعل أعصابك مشدودة طوال اليوم. ما يبدو تسلية سريعة يصبح بيئة كاملة تعيد تشكيل مشاعرك، وتعيد برمجة ما تخافه وما ترضى عنه وما تتطلع إليه.

٤. الخوارزمية كأداة تأثير

في السياسة كما في السوق، لا تمر الحملات اليوم إلا عبر هذا الممر الخفي. رسائل مصمَّمة بدقة، تختلف من شاشة إلى أخرى، لكنها تلتقي في هدف واحد: دفعك إلى سلوك معين، تصويت، شراء، انحياز، أو حتى انسحاب صامت من المجال العام. خيوط ناعمة، لكنها تمسك بأعمق ما فيك: عاداتك اللاواعية.

٥. كيف تستعيد قلم المسطرة؟

لا يمكن إطفاء الخوارزميات، لكن يمكن التفاوض معها. اختر عرض المنشورات زمنيا كلما استطعت. قلّص الإشعارات إلى الضروري. نظّم وقتك على الشاشة كما تنظّم ميزانيتك. افتح نوافذ خارج المنصة نفسها: كتاب، صديق، ساحة، حوار حيّ. درّب أبناءك على أن يسألوا: من اختار لي هذا؟ ولماذا الآن؟

٦. الخلاصة : من يكتبك حقا؟

الخوارزميات اليوم تكتب مسوّدة أولى ليومك، هذا صحيح. لكنها لا تملك حق التوقيع الأخير ما لم تمنحها إياه. حين تفهم منطقها، وتضع حدودا لا تتجاوزها، وتدعم القواعد التي تجعلها أكثر شفافية وعدلا، تعود أنت كاتبا لمسطرتك لا هامشا في مسطرتها. يبقى السؤال معلقا فوق كل شاشة تضيء أمامك: هل تكتبك الخوارزميات في مسطرة اليوم، أم لا تزال تملك شجاعة أن تكتب نفسك بنفسك؟