حدث وتعليق/ التعديل الوزاري الجزئي.. ضبط الإيقاع الحكومي بعد عام من الإنجاز

 

الوئام الوطني : في خطوة وصفها متابعون بأنها تتجاوز مجرد تغيير في الوجوه، أجرى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025، تعديلاً وزاريا جزئيا شمل 11 حقيبة وزارية، موزعة بين القطاعات السيادية والتنموية والخدماتية، في إطار ما يبدو أنه إعادة ضبط بوصلة العمل الحكومي مع بداية العام الثاني من المأمورية الثانية.

ورغم أن التعديل جاء جزئيا من حيث الكم، إلا أنه جوهري في المضمون، ويعكس توجها سياسيا يحمل في طياته رسائل متعددة، يتصدرها تجديد للثقة، تصحيح للمسار، تمكين للنساء، وتثبيت لأولويات برنامج “طموحي للوطن” الذي دخل مراحل التنفيذ الحاسمة.

لقد جاء تعيين الوزير محمد ولد اسويدات على رأس وزارة العدل من أجل تعزيز دولة القانون ومحاربة الفساد.

ويُنظر إلى الرجل باعتباره شخصية تجمع بين الخلفية الإدارية والسياسية، وقدرته على التعامل مع الملفات المعقدة، ما يجعل من اختياره إشارة إلى رغبة في تفعيل مسار إصلاح العدالة كرافعة أساسية للتنمية والاستقرار.

كنا أن عودة الوزير السابق والخبير المالي المعروف عبد الله ولد سليمان تمثل عودة للكفاءات الفنية ذات الخبرة الدولية. فالرجل خبير في ملفات التمويل والتنمية وله تجربة واسعة داخل مؤسسات مالية كبرى، ما يشير إلى أن الرئاسة تراهن عليه في مرحلة تتطلب تعبئة موارد مالية وتنفيذ مشاريع استراتيجية.

ويعكس تعيين وزيرة المالية، كوديورو موسى انكينور، من خلفية مالية وفنية خالصة، توجها نحو الصرامة في التسيير المالي. كما أن اسم كوديورو موسى يحمل في ذاته بعدًا اجتماعيا وتعدديا يترجم التزام النظام بتكريس العدالة والتمثيل الوطني الشامل.

ويأتي تعيين الدكتور محمد محمود اعلي محمود بعد خروج البرفسور عبد الله ولد وديه، الذي يُشهد له بالجهد والإصلاح في قطاع الصحة. واختيار خلف له يحمل رسالة مواصلة الإصلاحات دون القطيعة، مع التركيز على الجانب الإداري والتنفيذي.

ومن بين الرسائل الأكثر وضوحا في هذا التعديل، تمكين المرأة، حيث دخلت سيدتان الحكومة مع الاحتفاظ بوزيرات الحكومة التي تشكلت بعيد تنصيب الرئيس الغزواني لمأموريته الرئاسية الجارية.

عادت الوزيرة السابقة الناها بنت حمدي ولد مكناس، للانضمام إلى الفريق الوزاري، وهي صاحبة التجربة السياسية والإدارية الواسعة، والتي يشيد الكثيرون بكفاءتها وولائها.

إن تعيين بنت مكناس على رأس وزارة الإسكان يعطي إشارات إيجابية حول استمرارية الاعتماد على الكوادر المجربة.

كما يعد تعيين مريم بيجل على رأس وزارة الوظيفة العمومية والعمل، دفعا نوعيا جديدا، ويعكس رؤية لتعزيز الحضور النسائي في قطاعات ترتبط مباشرة بالإدارة والعدالة الاجتماعية.

ويتناغم هذا التمكين النسائي مع التوجه العام الذي تسعى إليه الدولة لترسيخ مبادئ الإنصاف والمساواة وتمثيل النساء في مواقع القرار.

وتضمن التعديل أيضا تغييرات نوعية في القطاعات ذات الصلة بالمجالات الحيوية حيث تولى السيد سيد أحمد ولد ابوه، حقيبة الزراعة والسيادة الغذائية، وهو ما يُنتظر أن يعطي دفعا جديدا لملف الأمن الغذائي، خصوصا مع التحديات المناخية والمجالية.

ورغم أهمية التعيينات الجديدة، إلا أن التعديل حمل في طياته خروجا مشرفا لعدد من الوزراء الذين بذلوا جهودا تُحسب لهم، خصوصًا:

– البرفسور عبد الله ولد وديه: الذي أسس لبداية إصلاحية في قطاع الصحة، وسط تحديات كبيرة تتعلق بالبنى التحتية وتسيير وتجهيز المستشفيات.

– المختار ولد گاگيه: وزير التنمية الحيوانية، الذي واكب ملفات حساسة وسط وضع رعوي هش، وتمكن من تسييرها بقدر عالٍ من الكفاءة و النزاهة.

هذا الخروج الهادئ يعكس منهجية الغزواني القائمة على الاحترام وعدم شيطنة التغيير، بما يعزز مناخا سياسيا متوازنا.

إن هذا التعديل الذي أُعلن مساء الخميس ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو جزء من قراءة استراتيجية لرئيس يُدرك متطلبات المرحلة. فرئيس الجمهورية،السيد. محمد ولد الشيخ الغزواني، يبدو حريصا على ضبط الإيقاع الحكومي، وترميم الثغرات، دون إحداث زلازل داخل الفريق التنفيذي.

إنه تعديل يعيد التوازن داخل الحكومة، ويفتح الباب أمام دفعة جديدة في تنفيذ المشاريع التنموية، في سياق إقليمي متقلب واقتصادي ضاغط، لكنه في الوقت ذاته يعكس ثقة بالنفس ورغبة في البناء دون ضجيج.

شاهد أيضاً

الوزير الأول يترأس الاجتماع الدوري للجنة الوزارية المكلفة بمتابعة إصلاح نظام الأدوية

ترأس معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي اليوم الخميس بقاعة الاجتماعات بمباني الوزارة الأولى، …