———————————————
هذه القصيدة عنيت بها كتب البلاغة العربية، لامتلائها بالصور والتشبيهات والاستعارات اللغوية التي يتذوقها الدارسون .
والقصيدة لثاني خلفاء الدولة الاموية الخليفة يزيد بن معاوية عاش حياة الأباطرة والملوك لكن هذه الحياة لم تنعكس سلبا على شاعريته الفطرية ، كان يُعدُّ مع قيس بن الملوح فرسان القصيدة العاطفية في زمانهم رغم مرور زمنا طويلاً على وفاته إلا أنه لازال البيت الشعري الذي قاله يزيد يثري كتب الشعر والبلاغة كلها ..
وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ورداً وعضت على العناب بالبرد
هنا الشاعر قام بوصف حبيبته وهي تبكي:
فصور دموعها (لؤلؤا)، وعينيها(نرجس)، وخديها (وردا)، وشفتيها(عناب)، وأسنانها(برداً)أي ثلج، وكل هذه الصور المجتمعة قد جاءت في بيت واحدا..
خمسة أوصاف في بيت واحد وهذا المجال الشعري والوصفي لم ينجح فيه إلا اثنين فقط هما يزيد بن معاوية وامرؤ القيس الذي له البيت الشعري الذي لا ينسى وقد قاله وهو يصف حصانه :
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
وأمطرت لؤلؤا
—————–
نالت على يدهـا مالـم تنلـه يـدي نقشاً على معصمٍ أوهت بـه جلـدي
كأنـهُ طُـرْقُ نمـلٍ فـي أناملهـا أو روضةٌ رصعتها السُحْبُ بالبـردِ
وقوسُ حاجبهـا مِـنْ كُـلِّ ناحيـةٍ وَنَبْـلُ مُقْلَتِهـا ترمـي بـه كبـدي
مدتْ مَوَاشِطها فـي كفهـا شَرَكـاً تَصِيدُ قلبي بها مِـنْ داخـل الجسـد
إنسيةٌ لو رأتها الشمسُ مـا طلعـتْ من بعدِ رُؤيَتها يومـاً علـى أحـدِ
سَألْتُها الوصل قالتْ :لا تَغُـرَّ بِنـا من رام مِنا وِصـالاً مَـاتَ بِالكمـدِ
فَكَم قَتِيلٍ لَنا بالحـبِ مـاتَ جَـوَىً من الغرامِ ، ولم يُبْـدِئ ولـم يعـدِ
فقلتُ : استغفرُ الرحمنَ مِـنْ زَلَـلٍ إن المحـبَّ قليـل الصبـر والجلـدِ
قد خَلفتنـي طرِيحـاً وهـي قائلـةٌ تَأملوا كيف فِعْـلُ الظبـيِ بالأسـدِ
قالتْ: لطيف خيالٍ زارنـي ومضـى بالله صِفهُ ولا تنقـص ولا تَـزِدِ
فقال: خَلَّفتُهُ لـو مـات مِـنْ ظمَـأٍ وقلتُ: قف عن ورود الماء لم يرِدِ
قالتْ: صَدَقْتَ الوفا في الحبِّ شِيمتُهُ يا بَردَ ذاكَ الذي قالتْ علـى كبـدي
واسترجعتْ سألتْ عَني ، فقيل لهـا ما فيه من رمقٍ .. دقـتْ يـداً بِيَـدِ
وأمطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ ورداً ، وعضتْ على العِنابِ بِالبـردِ
وأنشـدتْ بِلِسـان الحـالِ قائـلـةً مِنْ غيرِ كُرْهٍ ولا مَطْـلٍ ولا مـددِ
واللهِ مـا حزنـتْ أخـتٌ لِفقـدِ أخٍ حُزنـي عليـه ولا أمٌ علـى ولـدِ
إن يحسدوني على موتي، فَوَا أسفي حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ