اختلاس مالي في شركة عمومية بالزويرات: تفاصيل مثيرة واختبار جديد لمحاربة الفساد –

في تطور ملفت، هزت قضية اختلاس مالي كبرى شركة تابعة للشركة الوطنية للصناعة والمناجيم “اسنيم” في مقاطعة ازويرات، عاصمة ولاية تيرس الزمور، وسط صدمة كبيرة في الأوساط الاقتصادية والرأي العام الوطني.

الشركة المعنية متخصصة في توزيع وبيع الكهرباء، وتعد من أهم الشركات العاملة في مجال الخدمات الحيوية بالمنطقة.

ملابسات القضية

كشفت لجنة تحقيق رسمية أرسلتها “اسنيم” عن اختلاس مبلغ مالي ضخم قارب 400 مليون أوقية قديمة، وفق مصادر مطلعة.

وتمثلت آلية الاختلاس في تعامل مسؤولين بالشركة مع مورد خارجي، حيث كان المورد يزودهم بوثائق مزورة على تسليم معدات كهربائية، بينما يقوم المسؤولون بدفع المبلغ للمورد ويسترجعونه لاحقاً بناء على اتفاق مسبق، دون أن يتم تسليم المعدات فعلياً أو وضعها في مخازن الشركة.

وبذلك، تم التلاعب بملايين الدولارات من المال العام عبر وثائق مزورة.

وبعد كشف القضية، اتخذت “اسنيم” إجراءات صارمة تضمنت إقالة مدير الشركة واعتقال مجموعة من العاملين، وتوجيه تهمة الاختلاس لهم. كما تم إحالة ملف القضية إلى وكيل الجمهورية بولاية تيرس الزمور، ومن ثم نقل المتهمين إلى محكمة مكافحة الفساد في نواكشوط، حيث وصلوا قبل أيام للمثول أمام المحكمة، وسط ترقب شعبي كبير لصدور الحكم في هذا الملف الذي أصبح حديث الشارع الموريتاني.

تداعيات القضية وانعكاساتها

تشغل القضية الرأي العام اليوم في ظل الحديث المتكرر للحكومة عن خطورة الفساد وضرورة محاربته.

وتبرز القضية كاختبار حقيقي لجدية الدولة في مكافحة الفساد، خاصة في ظل وجود شبكات متورطة في التلاعب بالملايين، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول فعالية آليات الرقابة والمحاسبة في المؤسسات العمومية.

خطورة التستر على الفساد المالي وتدخلات القبيلة والوساطة

تطرح القضية أيضاً إشكالية التستر على الفساد المالي في الدولة، حيث تشير تقارير إلى أن بعض الأطراف قد تتدخل عبر وساطات قبلية أو نفوذ اجتماعي لتمكين المختلسين من الهروب من العقاب.

مثل هذه التدخلات لا تؤدي فقط إلى إفلات المختلسين من العدالة، بل تشجع آخرين على اتباع نفس المنهج، ما يؤدي إلى استمرار سرقة المال العام وانتشار الفساد المالي.

ويؤكد الخبراء أن استمرار الفساد وتنامي ظاهرة التستر عليه، يعطل سياسات الإصلاح ويهدد نجاح وفاعلية أي مشروع إصلاحي تنفذه الدولة. كما أن تدخلات القبيلة والوساطة في القضايا القضائية تقوض ثقة المواطنين في العدالة وتعزز ثقافة الإفلات من العقاب.

قضية اختلاس شركة توزيع الكهرباء في ازويرات تضع الدولة أمام مسؤولية تاريخية في تعزيز الشفافية والمساءلة، وقطع الطريق أمام أي تدخلات غير قانونية.

كما تؤكد على ضرورة تطوير آليات الرقابة والمحاسبة، وضمان حماية المال العام، حتى لا تتحول الجهود الإصلاحية إلى شعارات دون مضمون. ويرتقب الرأي العام قرار المحكمة في هذا الملف، الذي بات يمثل اختباراً حقيقياً لمدى جدية الدولة في مكافحة الفساد.

شاهد أيضاً

الذكاء الاصطناعي موضوع ندوة

أقامت نقابة الصحفيين الموريتانيين، بالتعاون مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية، مساء أمس في نواكشوط، ندوة …