أنذر تقريرنشرته قناة Euronews من التدهور المقلق في الثروة السمكية بموريتانيا، رغم تمتع البلاد بواحدة من أغنى مناطق الصيد في العالم، مشيراً إلى أن الضغوط المتزايدة على المخزون البحري تهدد سبل عيش مئات الآلاف من المواطنين، وتعرّض الأمن الغذائي الوطني للخطر.
ونقل التقرير عن عدد من الصيادين التقليديين في ميناء نواذيبو قولهم إن الأسماك باتت أكثر ندرة، مما يجبرهم على الإبحار لمسافات أطول، مع زيادة استهلاك الوقود وتراجع الأرباح.
وقال الصياد موسى تاو، الذي بدأ العمل في البحر منذ سن الثالثة عشرة ويعمل اليوم مع أبنائه:
“نخشى أن البحر بدأ يفرغ من أسماكه. نستهلك الكثير من الوقود ونربح أقل بكثير.”
ويشير التقرير إلى أن الأنواع السطحية الصغيرة، وعلى رأسها السردينلة، تشكّل مصدرًا رئيسيًا للبروتين للملايين في غرب إفريقيا، وهي مهددة اليوم بسبب الصيد الصناعي المكثف، خاصة من قبل سفن أجنبية تغذّي مصانع دقيق السمك.
وفي هذا السياق عبر رئيس الاتحاد الوطني للصيد التقليدي (FNPA)، عن قلقه قائلاً:
“أكبر مخاوفنا هو فقدان هذه الموارد الحيوية. إذا اختفت الأسماك، فستكون كارثة علينا. هناك سفن تخرج صباحًا وتعود بعد ساعات محملة بـ500 طن، وهذا استنزاف غير مقبول.”
كما نقلت Euronews عن سيدي علي سيدي بوبكر، الأمين العام لوزارة الصيد والاقتصاد البحري، قوله إن الحكومة اتخذت إجراءات للحد من هذه الظاهرة، أبرزها تقليص عدد السفن الصناعية من أكثر من 70 إلى أقل من 15، وإغلاق بعض مصانع دقيق السمك، وتشجيع الأخرى على استخدام وسائل تبريد لحفظ السمك للاستهلاك البشري.
وأضاف سيدي علي:
“الاستثمارات الأجنبية مهمة، لكن يجب أن تتم ضمن ضوابط تحفظ مخزوننا البحري، وتمنع تحويل الغذاء المحلي إلى سلعة تصدّر فقط.”
وعلى صعيد التعاون الدولي، أبرز التقرير شراكة موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي ضمن “اتفاق الشراكة من أجل صيد مستدام”، والذي ينص على دفع 57 مليون يورو سنويًا مقابل السماح للسفن الأوروبية بالصيد ضمن الشروط البيئية والاقتصادية المتفق عليها.
وأكد سفير الاتحاد الأوروبي في موريتانيا، جواكين تاسو فيلالونغا:
“هذا الاتفاق لا يمنح فقط حق الصيد للسفن الأوروبية، بل يتضمن دعمًا مؤسسيًا لموريتانيا لتعزيز قدرتها على إدارة مواردها البحرية بشكل مستدام.”
ويتضمن الاتفاق خطة علمية وضعتها موريتانيا عام 2022، تحدد حصص الصيد، وتخصص مناطق محمية، وتفرض فترات توقف موسمية لضمان تكاثر الأسماك، كما تنص على تنظيم إنتاج دقيق السمك وتجميد المنتجات للاستهلاك الآمن.
ويؤكد باحثو المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP) أن بعض الأنواع بدأت في التعافي، لكن البعض الآخر ما زال مهددًا بشدة، داعين إلى تقليص معدل نفوق الأسماك بنسبة 60% كشرط ضروري للتعافي الكامل للمخزون.
ويخلص تقرير Euronews إلى أن موريتانيا، التي يعتمد جزء كبير من سكانها على البحر، لا تملك خيارًا سوى حماية ثروتها البحرية لضمان مستقبل أجيالها القادمة.