خيانة المثقفين هو كتاب للفيلسوف الفرنسي جوليان بيندا نُشر عام 1927. يعتبر هذا الكتاب من الأعمال البارزة التي تناولت موضوعات فلسفية وأدبية حول دور المثقفين في المجتمع وعلاقتهم بالسلطة.
خلاصة الكتاب:
في هذا الكتاب، يطرح *جوليان بيندا* نقدًا حادًا لما يسميه “خيانة المثقفين”، حيث ينتقد المثقفين الذين ضحوا بالقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية من أجل دعم الأنظمة السياسية أو الأيديولوجيات التي تتسم بالقوة والقمع. يرى بيندا أن المثقفين في العصور الحديثة قد تحولوا من مدافعين عن الحقيقة والعدالة إلى أتباع للسلطة وأدوات لها.
أهم المحاور في الكتاب:
1. *المثقفون والسلطة*: يناقش بيندا كيف أصبح المثقفون في العصر الحديث يخدمون الأنظمة السياسية بدلاً من الوقوف ضدها. يراهم في النهاية يتحولون إلى أدوات تُستخدم لخدمة السلطة.
2. *تدمير القيم الإنسانية*: يُدين بيندا كيف أن المثقفين أصبحوا يعبرون عن أفكار وأيديولوجيات تُخدم مصالح السلطة في مقابل المبادئ الأخلاقية والإنسانية.
3. *تأثير الأنظمة السياسية*: ينتقد الكتاب بشدة تواطؤ المثقفين مع الأنظمة السياسية الاستبدادية في فترة ما بين الحربين العالميتين، خاصة في أوروبا. حيث يرون في ذلك انحرافًا عن وظيفتهم التقليدية في نقل الحقائق والمبادئ الأخلاقية.
4. *الاختلاف بين المثقف العادي والمثقف “المؤمن”*: يميز بين المثقفين الذين يتسمون بالحياد الفكري ويقفون مع المبادئ الإنسانية، والمثقفين الذين يُصبحون “مؤمنين” بأيديولوجيات سياسية ويحاربون لصالحها.
5. *مفهوم “الخيانة”*: يشير بيندا إلى أن المثقفين قد خانوا دورهم الأصيل في السعي وراء الحقيقة والنزاهة الفكرية، وحلّوا مكان ذلك دعمهم للأنظمة الاستبدادية، سواء كانت دينية أو سياسية، بما يخدم مصالحهم الشخصية أو العامة.
النقد والانتقادات:
– يرى البعض أن نقد بيندا كان قاسيًا جدًا على المثقفين وأنه لم يعطِ إشارات إيجابية لهم في سعيهم لتحسين المجتمع.
– كما أن الكتاب قد يواجه اتهامات بمحدودية الشمول في تقديم العوائق التي يواجهها المثقفون في العصر الحديث، حيث أن بعض القراء يعتقدون أن بيندا قد ركز أكثر على المثقفين الغربيين في إطار الثقافة الأوروبية أكثر من باقي أنحاء العالم.
الخلاصة:
*”خيانة المثقفين”* هو عمل فلسفي نقدي يناقش العلاقة المعقدة بين المثقف والسلطة في المجتمع، ويعتبر دعوة للعودة إلى القيم الإنسانية العليا بعيدًا عن التأثيرات السياسية المدمرة. من خلال هذا الكتاب، يقدم بيندا تحذيرًا من استغلال المثقفين وتورطهم في الأنظمة الاستبدادية التي تقوض الحريات والحقوق الأساسية.
هناك عدة طبعات حديثة لكتاب *”خيانة المثقفين” (La Trahison des clercs)* لجوليان بندا، بالإضافة إلى ترجمات بلغات متعددة.
الطبعات الفرنسية الحديثة
– *طبعة 2003*: صدرت عن دار *Grasset* ضمن سلسلة *Les Cahiers Rouges*، وتُعد من الطبعات المتداولة حاليًا، متوفرة بنسخ ورقية ورقمية.
– *طبعة 1946*: أُعيد نشر الكتاب مع مقدمة طويلة للمؤلف، تعكس تطور أفكاره بعد الحرب العالمية الثانية.
– *طبعة 1975*: صدرت مع مقدمة كتبها العالم الفرنسي أندريه لوف، الحائز على جائزة نوبل.
الترجمات إلى لغات أخرى
– *الإنجليزية*: تُرجمت بعنوان *The Treason of the Intellectuals*، وتتوفر طبعات حديثة منها، مثل طبعة 2006 الصادرة عن *Routledge*.
– *العربية*: نُشرت ترجمة بعنوان *خيانة المثقفين* عام 2019 عن دار ابن النديم للنشر والتوزيع.
– *الإسبانية*: تُرجمت بعنوان *La traición de los intelectuales*، مع طبعة صدرت عام 2008 عن دار *Galaxia Gutenberg*. [3]
—
ملاحظات إضافية
الكتاب لا يزال يُعتبر مرجعًا هامًا في نقد دور المثقفين وعلاقتهم بالسلطة والأيديولوجيا، وتُستخدم طبعاته الحديثة في الدراسات الفلسفية والسياسية.