نظم مركز السفير للاستشارات والإعلام والعلاقات العامة، مساء أمس الإثنين بفندق الخاطر بنواكشوط، ندوة فكرية تحت عنوان: “تنمية المدن والنفاذ للخدمات”، حضرها نخبة من الأكاديميين والخبراء والفاعلين ورؤساء أحزاب ونواب وعمد، وإعلاميين.
وناقشت الندوة محاور متعددة تتعلق بعصرنة المدن، والتحديات التنموية، وأهمية إشراك المجتمع.
وتمحورت الجلسة الأولى حول موضوع “عصرنة المدن والنفاذ إلى الخدمات”، وقدم خلالها الدكتور الناني ولد المامي، أستاذ جامعي، عرضا تناول مفهوم عصرنة المدن من حيث المعنى والمقاصد والاستراتيجيات، مبرزا تحول الدولة من البُعد الرسمي إلى أنسنة المدينة، من خلال جعل سعادة السكان هي الغاية، وليس مجرد المؤشرات الاقتصادية.
وأكد الدكتور أن العصرنة تشمل تطوير البنى التحتية وتعزيز العلاقة بين المدينة والإنسان، بحيث لا تكون المدينة طاردة لسكانها، مع التركيز على الاستدامة، خاصة البيئية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى.
وفي التعقيب على الموضوع، ركز الدكتور محمد أحمد ولد إسلم، المنسق الوطني لقطب “البركة: تعمير”، على بعدين هما: السلوك والعصرنة، مشيرًا إلى أن روح المواطنة والسلوك المدني يمثلان تحديا حقيقيا أمام مشاريع التحول الحضري.
وبين أن موريتانيا تضم أكثر من 8,000 تجمع سكني، ما يؤثر على جودة التعليم والخدمات، مشيرا إلى أن 80% من المدارس في هذه التجمعات غير مكتملة.
وبدوره تناول الناشط عبيد ولد إميجن الموضوع من زاوية اجتماعية وثقافية، معتبرا أن ثقافة الترحال والطابع البدوي في المجتمع الموريتاني، هي أمور من بين أخرى، تحد من الاستقرار العمراني، مشيرا إلى أهمية اقتصاد الحيز الجغرافي وبناء المدن بشكل أفقي.
ودعا إلى إعادة النظر في الشكل العمراني، وتعزيز دور البلديات والمقاطعات في التخطيط، مؤكدًا ضرورة بناء نماذج عمرانية حضارية تستقطب الزوار وتعزز الهوية الوطنية.
وتطرقت الجلسة الثانية لموضوع “الرؤية التنموية لمشروع العصرنة”، حيث قدمت الدكتورة فاطمة بوتبيب عرضا عن التحديات التي تواجه مشروع العصرنة، مشددة على أن من أبرزها العقليات والسلوكيات التقليدية.
ودعت إلى اعتماد اللامركزية والمقاربة التشاركية في التخطيط، مؤكدة أن المشروع يحمل رؤية وطنية واقتصادية طموحة تجسد إرادة سياسية واضحة لبناء موريتانيا متقدمة.
أما الدكتور أحمد سالم محمد فاضل، الأمين التنفيذي في حزب الإنصاف، فأكد على أن الحزب يدعم مشروع العصرنة، مشيرًا إلى أن التخطيط العشوائي يمثل تحديًا كبيرًا.
وأوضح أن الحكومة أطلقت مشاريع كبرى في البنى التحتية، كما وجهت الاستثمارات نحو المناطق الهشة، وبذلت جهدا كبيرا في تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
أما الجلسة الثالثة فقد تناولت “دور الإعلام في إبراز المشروع التنموي”، وقدم خلاله الإعلامي الهيبه الشيخ سيدات عرضا عن الموضوع، وعقب عليه الدكتور نور الدين محمد والبشير عبد الرزاق.
وفي الجلسة الرابعة والأخيرة، والتي تناولت “الشفافية والفهم المجتمعي للمشروع”، فقدم العرض السيد محمد عبد الله بليل، الذي شدد على أن الشفافية شرط أساسي لنجاح المشروع، داعيًا إلى إشراك المواطنين في مراحل التنفيذ والتقييم عبر مقاربة تشاركية تعزز الثقة وتحدّ من الفساد.
وفي ذات السياق نبه الإعلامي موسى حامد إلى ضرورة التفكير في ما بعد تنفيذ المشروع، مؤكدًا أن الصيانة عنصر محوري في ضمان استدامة نتائج العصرنة، مطالبًا بإدماج هذا البعد في كل مراحل التخطيط والتنفيذ.
وبدوره أكد عمدة بلدية لكصر السيد محمد السالك عمار على أهمية هذه الندوة، مشددا على ضرورة إشراك البلديات بشكل أكثر فعالية مما يخدم المشروع.
وعلى هامش الندوة، التقت الوكالة الموريتانية للأنباء، برئيس مركز السفير للاستشارات والإعلام والعلاقات العامة السيد عبد الرحمن الزوين فأكد أن هذه الندوة هي الأولى من نوعها تتناول قضية تنمية المدن والنفاذ للخدمات انسجاما مع التوجه العام للبلد خاصة في إطار الخطة الاستعجالية لتنمية انواكشوط والبرنامج الاستعجالي لتعميم النفاذ إلى الخدمات الأساسية للتنمية المحلية، بما أنه برنامج من أهم البرامج التي انطلقت مؤخرا والتي تستند على العمل التشاركي.
وأضاف أنه لأول مرة يكون المجتمع المدني والمنتخبون المحليون شركاء في هذا التصور، ولذا “قررنا أن نقيم هذه الندوة ونستضيف خبراء في جميع المجالات لنستمع إلى آرائهم وتوجيهاتهم وإرشادهم دعما وتصورا لهذا المشروع العملاق، الأول من نوعه في موريتانيا”.
تقرير / الشيخ باي احمدو الخديم