العقلانية:( تعريفها وأسباب ندرتها وأهميتها) كتاب عن علم النفس الإدراكي- للكاتب ستيفن بينكر-. .

من هو ستيفن بينكر:
اختصاصيُّ عِلم النفس الإدراكي وعِلم نفس اللُّغويات، ومفكِّر شهير.
وُلد عام ١٩٥٤ ويحمل الجنسيتَين الكندية والأمريكية.
حصل على درجة البكالوريوس في عِلم النفس من جامعة ماكجيل الكندية، ودرجةِ الدكتوراه في عِلم النفس التجريبي من جامعة هارفارد. من أشهر كتبه: «الصفحة البيضاء: الإنكار الحديث للطبيعة البشرية»، و«التنوير الآن: دفاعًا عن العقل والعلم والنزعة الإنسانية والتقدُّم»

مقدمة وتمهيد

في هذا الكتاب الذي صدر باللغة الإنجليزية عام ٢٠٢١.
وصدرت هذه الترجمة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠٢٣.
يتناول ستيفن بينكر واحدة من أكثر المفارقات المثيرة للاهتمام في عصرنا: كيف يمكن للجنس البشري، الذي أحرز تقدمًا هائلًا في العلوم والتكنولوجيا، أن يكون في الوقت نفسه ضحية للجهل،والخرافات، ونظريات المؤامرة؟ يسعى بينكر إلى الإجابة على هذا السؤال من خلال تحليل طبيعة العقلانية، وأسباب ندرتها، وأهميتها للفرد والمجتمع، مقدّمًا أدوات تفكير يمكن أن تساعدنا على أن نصبح أكثر عقلانية في حياتنا اليومية.

الموجز

1. ما هي العقلانية؟

يعرف بينكر العقلانية بأنها “استخدام أدوات التفكير المنطقي والنقدي للوصول إلى نتائج دقيقة ومتسقة مع الواقع”.
وهي لا تعني فقط الذكاء أو التحصيل العلمي،بل تتعلق أيضًا بقدرة الإنسان على استخدام المنطق والاحتمالات والاستدلال السليم في اتخاذ القرارات.

2. لماذا لا نكون عقلانيين دائمًا؟

يفسر بينكر أسباب ابتعاد البشر عن العقلانية من خلال عدة عوامل:
🔗 التحيزات المعرفية: مثل الانحياز التأكيدي (ميل الإنسان إلى البحث عن المعلومات التي تدعم آراءه فقط)، والانحياز للبقاء (التركيز على النجاحات وتجاهل الإخفاقات).
🔗 المغالطات المنطقية: مثل مغالطة رجل القش، والمغالطة البعدية، وغيرها.
🔗 التأثيرات الاجتماعية: مثل تأثير الجماعة، والانجذاب إلى السرديات العاطفية والمبالغات الإعلامية.
🔗 التفكير الغريزي مقابل التفكير التحليلي: حيث يميل البشر إلى التفكير السريع الحدسي بدلًا من التحليل العقلاني، خاصة في المواقف العاطفية أو الضاغطة.

3. أدوات العقلانية

يقدم بينكر مجموعة من الأدوات التي طوّرها الفلاسفة والعلماء على مر العصور لتعزيز التفكير العقلاني مثل:
🔷 المنطق: كوسيلة لفحص الحجج والتحقق من صحتها.
🔷 الاحتمالات والإحصاء: لفهم المخاطر والاتجاهات بشكل أكثر دقة.
🔷 السببية والارتباط: التمييز بين الارتباط السببي والارتباط العارض.
🔷 التفكير النقدي: تقييم المعلومات بشكل محايد بعيدًا عن العواطف والتحيزات الشخصية.

4. لماذا العقلانية مهمة؟

يؤكد بينكر أن العقلانية ليست ترفًا فكريًا بل هي أداة ضرورية لحل المشكلات وتحسين جودة الحياة على المستوى الفردي والمجتمعي.
ويقدم أمثلة على كيف أن غياب العقلانية يؤدي إلى تفشي الأخبار الكاذبة وانتشار نظريات المؤامرة، واتخاذ قرارات سياسية واقتصادية خاطئة.
كما يشدد على أن تعزيز العقلانية يمكن أن يساهم في اتخاذ قرارات صحية أفضل، مثل التعامل مع الأوبئة والأزمات البيئية بطريقة علمية.

تحليل الكتاب

1. تفاؤل بينكر: الإنسان ليس غبيًا بطبيعته

رغم تشخيصه لمظاهر اللاعقلانية، يرفض بينكر النظرة التشاؤمية التي ترى أن البشر محكومون دومًا بالمغالطات والأوهام.
فهو يرى أن العقلانية موجودة بالفعل في كثير من السياقات،لكنها تحتاج إلى تعزيز وتعليم مستمرين.

2. مقارنة بينكر بين الحدس والعقلانية

يرى بينكر أن الحدس يمكن أن يكون مفيدًا في بعض السياقات،لكنه غالبًا ما يقودنا إلى استنتاجات خاطئة.
لذا يجب ألا نعتمد عليه وحده،بل نستخدم التفكير النقدي والتحليل العلمي لموازنة قراراتنا.

3. نقد الثقافة الرقمية وتأثير الإعلام

يخصص بينكر جزءًا من تحليله لدور وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام في نشر الأخبار الكاذبة وتعزيز التفكير غير العقلاني.
إذ يرى أن الخوارزميات الرقمية تعزز الانحياز التأكيدي،حيث يتعرض الأفراد لمعلومات تتوافق مع آرائهم المسبقة، مما يضعف قدرتهم على التفكير النقدي. كما يشير إلى أن الإثارة والمبالغات الإعلامية تجعل الناس أكثر عرضة لتبني نظريات المؤامرة والتفسيرات غير العلمية.

4. العلاقة بين العقلانية والتقدم العلمي

يؤكد بينكر أن التقدم البشري لم يكن ليحدث لولا وجود العقلانية.
فمن خلال تطبيق المنهج العلمي، استطاع الإنسان تحقيق إنجازات هائلة، مثل اختراع اللقاحات، واستكشاف الفضاء، وتحقيق تطورات في الطب والتكنولوجيا. لذلك، فإن تعزيز التفكير العقلاني ليس فقط ضروريًا لحياتنا اليومية، بل هو أيضًا عامل أساسي في استمرار التقدم الحضاري.

الخاتمة

يعد كتاب العقلانية: تعريفها وأسباب ندرتها وأهميتها دعوة صريحة لاستخدام التفكير العقلاني في مواجهة التحديات المعاصرة. لا يكتفي بينكر بتشخيص مشكلات اللاعقلانية،بل يقدم أدوات واضحة لتعزيز التفكير النقدي والمنطقي، مشددًا على أن العقلانية ليست مجرد مهارة أكاديمية، بل أسلوب حياة يؤثر في كل قراراتنا.

الرسالة الأساسية للكتاب:
العقلانية ليست حكرًا على العلماء أو الفلاسفة بل هي مهارة يمكن لأي شخص تعلمها وتطبيقها لتحسين حياته الشخصية والمجتمعية.
فإذا أردنا عالمًا أكثر عدلًا وتقدمًا، فعلينا أن نطور قدرتنا على التفكير المنطقي واتخاذ القرارات بناءً على الأدلة، وليس بناءً على العواطف أو المعلومات المضللة.

تقييم عام:
الكتاب غني بالأمثلة والشرح العلمي المبسط لكنه قد يكون تحديًا للقراء غير المعتادين على الأسلوب الأكاديمي لبينكر.
ومع ذلك، فإن أفكاره تبقى ضرورية في عالمنا اليوم، حيث أصبحت الحقيقة أكثر هشاشة في ظل انتشار المعلومات المضللة.

ملاحظة//
هذه الترجمة العربية صادرة ومتاحة مجانًا بموجب اتفاق قانوني بين مؤسسة هنداوي والمؤلف ستيفن بينكر، عناية بروكمان، إنك. حقوق الترجمة محفوظة لمؤسسة هنداوي.

شاهد أيضاً

رئيس الهابا والسفير المغربى يلتقيان

استقبل رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية السيد محمد عبد الله لحبيب بمكتبه اليوم الجمعة …