زين ولد العبقرى رمز الكرم والجود

 

حدث الفتى الألمعي قال:
حدّثني  رجل من أول من سكن نواكشوط من أهل العصابة ، قال إنه سافر في نهاية الخمسينيات من نواكشوط إلى اندر مع جماعة من أعيان أهل العصابة والرقيبة فيهم الأميرالمختار بن احمد بن عثمان أمير اشراتيت ، وزين ولد العبقري، وباتوا في الطريق، فمر بهم بعض البدو، فعرّفوهم بأنفسهم، وكلما سموا أحدهم، يقول البدو إنهم لم يسمعوا به ولا بقبيلته، حتى ذكروا زين ولد العبقري، فقال البدو بفم واحد : وخيرت، هذا ذاك اللي ما يقول له حدّ شي ما قال “حتى زاد”؟ وبادروا فأتوا بذبيحة!!!

ويضيف ابن حبيب:
يحكى أن رجلا كان يطالب السخي الشهير زين ولد العبقري بدين ومكث معه أشهرا وهو لا يقضيه دينه ومع ذلك يظل يوزع الهبات السخية ويقضي حوائج ذوي الحاجات!
فنفد صبر الغريم يوما، فقال لزين : انتا ما اتخلصني؟!
فقال زين ولد العبقري : أللا حانيني نجبر باش انخلصك!
فقال الرجل: عندك! انت تظل تقسم على الأدمية، كل نهار تعطي إل مخلصني آن ألف مرة!
فقال زين: مانكم واحد! أنت مول حق، مانك لاهي تعجل عنه!
ومول الغاية ما يحاني، ألا تعدل له غايتو ولّ يمشي!
ففكر الرجل لحظة ثم قال : أراني مولَ غاية!
فرد زيني: ابطيت ما عدلتها! بغايتك فاش؟
فذكر الرجل مبلغ دينه، فأرسل زين من يجمع المبلغ وأعطاه للرجل!
ثم بعد ذلك بسنة، أرسل له المبلغ الذي يطالبه به!!!
فذهب إليه وقال له : أوما قضيتني عام لول؟!
فأجاب زين : كلا! عام أول كنت صاحب حاجة.. والآن أقضيك ما تطالبني به..
فبكى الرجل وقال والله لا آخذه.

/

هو زين العابدين بن العبقري بن البشير بن الأمين الجكني ، لأبيه العبقري ولد الأمين
وأمه امباركه التي اشتهر بره بها.
كان سيد قومه وحاتم زمانه، وكان من من جوده أنه إذا اجتمعت عنده العشرات وجاءه العفاة قسمها عليهم مما سبب له مشاكل مع الحاكم الفرنسي في امبود أكثر من مرة.
وجاءه رجل نفق جمله يريد بيع (الرّاحْلة) ، فأمر زين أن تشدَّ (الراحلة)على جملٍ فاسترسل الرجل في في مدح الراحْلة وجودة صناعتها.
فلما شُدّت الراحلة على الجمل ، سلم زين الجمل والراحلة وثمنها للرجل.

كان لايرد سائلا واشتهر زين بلازمته المعروفة: (حتَّ زاد)
وذات لقاء سألته امرأة حاجة: أريدك أن تترك هذه الكلمة (حتّ زاد)
فأجابها: حت زاد.
ويتعجب الناس من كونه لا يرد سائلا ويلبي حوائج الجميع مع أنه لا يُشهد عنده مالٌ وفير ما جعلهم يعتقدون أنه عبد صالح يتولي الله أموره ويسخر له الحاجات.

وكان ابن أخته العلامة المرابط الحاج ابن فحف يعده من الصالحين ويعظمه غاية التعظيم ولا يدعوه إلا بزين العابدين.

يقولون: معنٌ لا زكاة لماله :: وكيف يزكّي المالَ من هو باذلُه
إذا حال حولٌ لم يكن في دياره :: من المال إلا ذكره وجمائلُه

كان يهتز للندى فكأنه المعني بقول زهير :
تَرَاهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَهَلّلاً :: كأنّكَ تُعطيهِ الذي أنتَ سائِلُهْ
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه :: لجاد بها فليتق اللهَ سائله

كان على علاقة بفضلاء وأعيان عصره، وكان الأمير عبد الرحمن ولد اسويد أحمد ” الدان” يجله، يقول زين عن الدان : كنت إذا أتيته أناديه : ول خالتي – في إشارة لخؤولتهما الاثنين من السودان- فإن ضحك علمت أنه طيب المزاج فأجلس عند وإلا انصرفت، وكان الدان يفعل الشيئ ذاته مع زين.

عن كرم زين يقول الشاعر الكبير محمد الأمين ولد ختار الجكني :
عَطيتْ زين ابلا گولَ :: اتمَـثـنَ فيهَا واتعالَ
مايعطيها كونْ المولَ :: تباركَ وتعالَ

و قالت فيه المطربة الكبيرة اعويشة منت أعمر: شكرك يزين افرغ مااتل كون عيبك مزال مغطي

ومع كرمه وجوده كان زين شاعرا مرهفا ، يقوا ذات أنس:
حَدْ انظَرْ فَالْيلْ الگمْرَ :: كانَتْ تَتْحَنَ فَالگمْرَ
من كيفَن دَخلت فالگمرَ :: لاهِ تگلع عَنها لَحْزيم
يَعرَف عَنٌو بَعْد لْگ امْرَ :: لاهِ تَنعَلْ بُوه بالَحْزِيم

وهذا من مناقبه قليل :: وقد يبدو القليل من الكثير

 

شاهد أيضاً

الرئيس غزواني يتسلم رسالة من رئيس المجلس الليبي

التقى الرئيس، محمد ولد الشيخ الغزواني، بالقصر الرئاسي اليوم، المبعوث الخاص من رئيس المجلس الرئاسي …